علاء حسن استخدام القنابل الصوتية في النزاعات العشائرية ظاهرة بدأت في محافظة البصرة، وامتدت إلى المدن المجاورة ، فأثارت قلق الأجهزة الأمنية والمدنيين على حد سواء ، وفسرت من قبل مسؤولين محليين ، بأنها محاولة لإثارة الفتنة ، ولاسيما أنها طالت منازل شخصيات سياسية ودينية .
والقنبلة الصوتية لا تحتاج إلى تقنية متطورة لصناعتها ، وكان استخدامها شائعا قبل عشرات السنين في بغداد ومحافظات أخرى ، في المناسبات الدينية ، والمزاح الثقيل بين الشباب ، وتكفي غرامات قليلة من مادة الزرنيخ والحصو ولفها بقطعة قماش وإحاطتها بالخيوط لتكون "بوتازة " بحجم صغير تخلف صوتا عاليا يثير الرعب ، وربما يؤدي إلى تهشم الزجاج وقلع النوافذ ، خصوصا أن منازل العراقيين في ذلك الزمن قديمة جدا وآيلة للسقوط وبإمكان "عطسة العنز" أن تهدم الجدار وتقلع الباب . صناعة البوتازة كانت تتطلب مهارة عالية ، والحذر الشديد لتجنب احتاك الحصو بالزرنيخ ثم حصول الانفجار ، وفي أغلب الأحيان يكون مصحوبا بالاشتعال ، فيحترق الخبير ، وعلى صوت" يبوووووه" من والدته يتجمع الجيران لإنقاذ المنزل من النيران ، وبعد الاطمئنان على سلامة أبو "البوتازة" تنهال النصائح والإرشادات والتأنيب والتحذيرات من القيام بهذا العمل نظرا لما يحمله من أضرار ، وإزعاج واعتداء على الآخرين .اختفت "البوتازة " منذ عقود ، وربما أصحابها يتذكرون مغامراتهم معها ، ومنهم رجال من مدينة الكاظمية، شنوا هجوما يوم كانوا في سن الشباب على قرية "البطة " في حي الجوادين حاليا في ساعة متأخرة من الليل ، لأن احد سكان القرية كسر حباب موكب "الجركجية" عمال صناعة الجرك و"المكاوية" في حي الصنائع ، سهوا بعربة يقودها حماره ، وتلك الحادثة كادت تصل إلى نزاع عشائري ، ولكن الحكماء من الطرفين توصلوا إلى تسوية سريعة ، وقتلوا الفتنة في مهدها ، مع توصية لإجبار الآباء على منع الأبناء من استخدام البوتاز وصناعتها ، ومنع العطارين من بيع مادة الزرنيخ لصغار السن .بعد حادثة قرية "البطة " انحسر استخدام البوتاز في مدينة الكاظمية ، وتخلص الأهالي من أصواتها ، لأن الشباب التزموا بنصائح الكبار ، ومما أسهم في غياب الظاهرة نهائيا ، تنامي الشعور بأنها ، تعد اعتداء سافرا على الآخرين .القنابل الصوتية في زمننا الحاضر ربما دخلت إلى العراق من دول الجوار ، وأخذت طريقها إلى مستخدميها بأسعار "أخت البلاش" وربما مصنوعة محليا وهذا الاحتمال وارد جدا ، لأن الكثير من الشباب أصبح اليوم يمتلك الخبرة العالية في تحوير العتاد واستخدام البارود في صناعة "بوتازة أم الصجم" ، وبحسب الخبراء فإن هذه "البوتازة" قادرة على قتل البعير والخنزير، فضلا عن استخداماتها الأخرى في صيد السمك أو النزاع العشائري، أو حتى في الصراع الأزلي بين زوجة الابن وأمه ، وبين مشجعي وأنصار ناديي ريال مدريد وبرشلونة.
نص ردن: قتال بقنابل صوتية
نشر في: 17 إبريل, 2012: 07:45 م