TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل :لماذا لا تُحب دولتنا مفكّريها؟

شناشيل :لماذا لا تُحب دولتنا مفكّريها؟

نشر في: 17 إبريل, 2012: 09:52 م

 عدنان حسينمنذ سنوات عدة تدعوني مجموعة بحثية بريطانية للمشاركة في ندوات ومؤتمرات وورشات عمل تنظمها لاستطلاع آراء الباحثين والإعلاميين بشأن تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وسياسة أوروبا، وبخاصة بريطانيا، تجاهها. بكل جدية واهتمام يستمعون لأيّ رأي وملاحظة، ولا يخفيك المسؤولون عن هذه المجموعة إن خلاصات عمّا يقال تُرفع إلى الحكومة البريطانية وسائر حكومات الاتحاد الأوربي، فضلاً عن إتاحتها للباحثين.
معظم هذه الندوات والمؤتمرات وورش العمل يُخطط له سنوياً، وبعضها يُدرج آنياً على جدول الأعمال، بحسب تطورات الأحداث، فالمطلوب دائماً مواكبة ما يجري في هذه المنطقة المهمة للغرب والحافلة بالأحداث، والسعي لمعرفة اتجاهاتها وعواقبها المحتملة، كيما يكون في وسع صناع القرار المعنيين اتخاذ القرارات الصحيحة عندما يتطلب الأمر ذلك.الحكومات وسائر مؤسسات الدولة في البلدان المتقدمة تهتم كثيراً بأن تكون على معرفة جيدة بما يجري حولها داخل البلد وخارجه ليكون في مقدورها التصرف على نحو حسن وبما يحقق المصلحة العامة، فحتى لو كان في هذه الحكومات ومؤسسات الدولة وعلى رأسها أكثر الناس علماً وكفاءة وخبرة تظل الحاجة قائمة إلى آراء وملاحظات المزيد من أهل العلم والكفاءة والخبرة. نحن في هذا البلد لدينا حاجة ماسة إلى الندوات والمؤتمرات وورشات العمل التي ينتظم فيها الباحثون والعلماء في المجالات المختلفة والإعلاميون لدراسة مشاكلنا ومعضلاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي لا عدّ لها ولا حصر، بل هي في تكاثر جنوني. ويضاعف من هذه الحاجة أن غالبية من يتولون إدارة دولتنا تنقصهم الدراية والخبرة والأهلية المفروض توافرها في رجل الدولة. رجال دولتنا لم يدخلوا إلى الدولة ومؤسساتها من الأبواب وإنما من الشبابيك.. شبابيك المحاصصة الطائفية والحزبية والعشائرية والمناطقية. ولهذا فان هذه الدولة في أسوأ حال يمكن أن تكون عليها دولة.من المفروض أن يكون هناك الكثير من المؤتمرات والندوات والورش التي يبحث فيها الخبراء مشاكلنا ومعضلاتنا بالتفصيل وبحرية، وان تقدم الجهات التي تنظم هذه الندوات والمؤتمرات والورش خلاصات بها الى إدارات الدولة ومسؤوليها للإفادة منها في اتخاذ القرارات ورسم الخطط ومشاريع العمل.الملاحظ إن كبار المسؤولين في دولتنا يوجهون كل اهتمامهم تقريباً نحو مؤتمرات العلاقات العامة ومهرجانات الدعاية وندوات التسويق السياسي والحزبي كالمؤتمرات مع العشائر والدعاة.. الخ. هذه السياسة لا تبني دولة، ففي هذه المؤتمرات لا نسمع غير كلمات التمجيد والتعظيم والتفخيم والشعارات والهتافات الصاخبة، فيما الحاجة قائمة للبحث الهادئ المعمق في الأحوال المزرية للزراعة والصناعة والري، وفي الواقع المتردي للخدمات العامة، وفي الظواهر السلبية المتفشية في كل ميدان وقطاع كالفساد المالي والإداري والبطالة والفقر وسواها.لدى المئات من علماء الاجتماع والنفس والاقتصاد والباحثين والأكاديميين المبعثرين داخل بلادنا وفي المنافي طاقة خلاّقة هائلة من الأفكار التي بوسعها رسم الطريق إلى دولة متعافية. فمن يأخذ بأيدي مسؤولي دولتنا العليلة إلى منقذيها من خرابها الشامل؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram