ترجمة: ابتسام عبد الله بعد أن تم العرض الأول لفيلم المخرج الفرنسي ابيل غانس ، "نابليون"، في باريس عام 1927 ، كتب غانس (رسالة إلى مشاهديه مناشداً إياهم مشاهدة الفيلم بعيون وقلوب مفتوحة وأضاف "لقد بذلت جهداً كبيراً لتقديم سينما أرقى وأفضل" . وفعلاً كان الفيلم قفزة في الفن السينمائي محققاً طموحات مهمة في السرد والتقنيات السينمية .
إن الصورة العريضة للشاشة يمكن إعادتها إلى غانس وفيلمه "نابليون" . وقد سجل ذلك الفيلم أول استخدام لآلة التصوير اليدوية وأيضاً درجات الألوان الخفيفة الرائعة ، وأخيراً اللقطات المصورة من الدرجة أو من سطح متذبذب الحركة أو من فوق حصان يعدو . كان الفيلم مثيراً للدهشة ، ونسخته الأولى كان طولها من 3 ساعات إلى 6 ساعات و28 دقيقة ( وفي الأصل كان طولها 9 ساعات ) .وعندما اشترت ميتروغولدوي ماير الفيلم ، اختصرت طوله إلى 70 دقيقة قبل توزيعه في أميركا ، ما أثر كثيراً في الفيلم ، وشجع النقاد على الكتابة ضده . وواصل غانس تحسين الفيلم ، مضيفاً إليه الصوت (نسخة 1935). وبعد عدة عقود ، أضاف إلى الفيلم المزيد . علماً أن المؤرخ البريطاني الشهير كيفين براولو وآخرين كانوا يفضّلون النسخة الأصلية من الفيلم . وفي كتابه يقدم براولو قائمة بـ 19 نسخة من " نابليون " ، والنسخة العشرين لبراولو ، عرضت موجزاً في مهرجان سان فرانسيسكو للأفلام الصامتة . وفي المرحلة الزمنية التي بدأ فيها غانس (المتوفى عام 1981) عمله في فيلم "نابليون" ، كان يعد واحداً من الطليعيين السينمائيين بسبب فيلمه ، "أكيوز" العاطفي الذي قدمه عام 1919 ، معبراً فيه عن غضبه على الحرب العالمية الأولى ، وكان قد قدم أيضاً فيلماً جيداً بعنوان "الطريق" ، عن الرغبة اليائسة في عائلة فقيرة، عند خط القطار. وقد حقق الفيلمان نجاحاً كبيراً، وعن ذلك الفيلم قال الرسام التكعيبي الذي تحول بعدئذ إلى مخرج سينمائي "إن غانس ارتقى بالفن السينمائي إلى طائرة الفنون الجميلة" وأعلن جان كوكتو " أن هناك سينما ما قبل وما بعد فيلم "الطريق" كما أن هناك رسماً ما قبل وما بعد بيكاسو". وقد جدد غانس رؤيته لنابليون عبر 6 أفلام ،فقد أخرج ، (أو أعاد إخراج الفيلم الأول) مراراً، وينتهي الفيلم في عام 1796 ، ونابليون يبلغ الـ 26 من العمر ، يقود الجيش الفرنسي نحو إيطاليا لما عرف بعدئذ بالحملة الإيطالية الأولى . ولم يكن غانس يهدف لتحقيق فيلم (ميلودرامي) عن البطل الفرنسي ، بل كان مولعاً بالتأريخ، وقد أرغمته ميزانية الفيلم على عدم تخطي حدودها، ولكنه مع ذلك أحدث ثورة في السينما ، محرراً آلة التصوير من جمودها ، لتكون في حركة دائمة . لا يزال لفيلم غانس معجبون في عالم السينما . وقد شاهده في العرض الأول له، المارشال بيتان وشارل ديغول، اللذان سيتحولان مع الأيام إلى عدوّين . ومع الأيام والتطورات التي حدثت في صناعة السينما ، اختفت النسخة الأصلية الكاملة لفيلم نابليون، وغدت من الأحلام التي يصعب تحقيقها ، حالها حال نسخة فيلم "الطمع" التي كان طولها 10 ساعات، ومن إخراج ايريك فون ستروهايم .
من ذاكرة السينما.." نابليون 1927 " لغانس
نشر في: 18 إبريل, 2012: 07:28 م