اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > تخطيطات معمارية بكونها "إبلاغ" اتصالي

تخطيطات معمارية بكونها "إبلاغ" اتصالي

نشر في: 21 إبريل, 2012: 12:52 م

د. خالد السلطاني*لا تمنح العمارة "أسرارها" بسهولة. فمفهومها الذي يندرج في إطار تآلف مجموعة علوم متنوعة، يضحى عصياً على الشرح والتبسيط. وهي لهذا لا "تقرأ" بكتاب محدد أو مطبوع خاص. إنها تتفتح لمرأى متلقيها، تدريجياً، من خلال "قراءات" عديدة، ومشاهدات عديدة، واهتمامات عديدة، وطبعا حضور معارف عديدة.
وعلى عكس جميع المواضيع الدراسية، التي يمكن دراستها في الجامعات عبر كتب منهجية ومدرسية Text Book، فإن تعلم العمارة، لا يمكن له أن ينحصر في كتاب منهجي محدد؛ ما يجعل منها حالة، تتطلب ضرورة توافر كتب عديدة، بمعارف متنوعة حتى يمكن تعلمها أو دراستها. يجتهد كثر من المؤلفين المهنيين  المتمرسين إلى نقل تجربتهم الشخصية، في مجال تعلم العمارة، عبر كتب متنوعة في مضامين نصوصها، ومتعددة في أساليب طرح أفكارها، لإيصال تلك التجارب الهامة والمطلوبة إلى قراء عديدين، مهتمين في مجال التعليم المعماري. وكتاب " 101 شيء تعلمته من قسم العمارة" لمؤلفه "ماثيو فردريك" نموذجاً فطناً للإصدارات المثيرة للاهتمام، والخاصة في هذا الموضوع. فمؤلف الكتاب، وهو معمار أمريكي ومخطط حضري، يمتلك تجربة غنية في التعليم المعماري، مارسها في الجامعات الأمريكية المختلفة، مثل كلية بوسطن للعمارة، ومعهد وينتويرث التكنولوجي وكذلك بكمبردج في ماساتشوستس. وهو مؤلف لكتب عديدة تتناول إدراك وتقبل الفنون المختلفة. ويتسم أسلوب كتابه هذا، الذي قام بترجمته إلى العربية المعمار الشاب محمد عباس الصوفي، بقيمة فنية عالية، تمثلت في اعتماد الرسوم والتخطيطات المختصرة والواضحة وسيلة لإيصال الفكرة المعمارية إلى المتلقي بصورة سلسة ومباشرة ووضوح. وبهذا الأسلوب المعبر، فانه يختزل "العملية الاتصالية" إلى أقصى حد ممكن؛ عندما ينزع لتمثيل "اللغة" برسوم وتخطيطيات، مستعيداً وظيفية اللغة الأساسية، بكونها "إبلاغ". ومعلوم، أن "الإبلاغ" يشكل، الآن، ووفقا لنظريات الاتصال الحداثية، إحدى ركائز العملية الاتصالية، من خلال نموذج <مرسل، رسالة، إبلاغ، متلق>. معلوم، أيضاً، أن الرسوم أو التخطيطات، بمقدورها التعبير عن حالة معرفية، بسرعة واختزالية، أكثر بكثير من الكلمات. فالعقل الإنساني بإمكانه أن يعالج المعلومات البصرية بسرعة مذهلة. من هنا ، ينبع، الاعتقاد الراسخ (والصحيح، طبعاً)، من أن نظرة سريعة على الشيء او صورة منه تكشف - كما يشير إلى ذلك احد المختصين - "..عن أكثر مما قد تكشفه صفحة من الكلمات المصوغة في نص مكتوب". وإذا تأملنا، نتائج مزج امتيازات النص المكتوب، مع مزايا خصائص الرسوم والتخطيطيات، فسيكون بوسعنا تصور سهولة وسرعة إيصال المعلومة الى المتلقي. وهذا تحديدا، ما توخاه "ماثيو فردريك"  في كتابه، الذي نقدم له. فالكتاب، يعتمد على الرسوم التخطيطية والنص الكتابي المختزل، في إبلاغ المعلومة المعمارية، (الملتبسة المعاني)، إلى القارئ، الذي بوسعه، وبيسر أن يدرك دلالات تلك المعاني وفهمها. تستند تلك النصوص المكتوبة في الكتاب، و"نصها" البصري إلى أقوال وتصاريح معماريين مشهورين، لهم مكانتهم المؤثرة في الخطاب النظري المعماري، وكذلك أقوال، مستلة من تجربة المؤلف الشخصية، مثل القول المنسوب إلى المعمار "ميس فان در رّو": < القليل يعني الكثير!>؛ أو قول "روبرت فنتوري" الذي يحاكي به مقولة "ميس" المشهورة إياها من أن "القليل يعني... الملل!" أو تلك المقولة الذكية "المصمم الجيد لا يخاف من أن يترك فكرة جيدة!"، أو "إن أية صفة جمالية، عادة ما تكون، معززة بوجود نقيضها!"، أو على سبيل مثال آخر "إن من الأشياء الأكثر قيمة التي تتعلمها في إستوديو التصميم وتأخذها معك في مراحل متقدمة، هو كيفية التطوير على العمل التصميمي وليس تصميم مبنى يتم إدراكه بشكل مثالي!" وغيرها ..وغيرها. والقول الأخير غاية في الأهمية، ويجدر به، أن يكون شعار العملية التعليمية المعمارية الصائبة.  لا يضمن كتاب "101 شيء تعلمته في قسم العمارة"، الحصول او الوصول الى المعرفة التامة بالعمارة. لكنه، بالتأكيد يحقق جانبا، لا بأس به، من متطلبات تعلم العمارة، والإحاطة بـ"أسرارها"!. انه كتاب جدير بالمطالعة، ليس فقط من قبل المهنيين الاختصاصيين او طلاب المدارس المعمارية، وإنما يستحق الاطلاع عليه من قبل جميع المثقفين، الذين يودون أن يضيفوا علوما أخرى إلى ذخيرتهم المعرفية. انه كتاب سهل، غني بالمعلومات، ومريح للقراءة. وإذ انوه بحس اختيارات المترجم، وبعمله الذي يشكر عليه، فاني احيّ، أيضاً، مبادرته وجرأته في التصدي إلى ترجمة هذا الكتاب المفيد ..والممتع.rn* معمار وأكاديمي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram