برلين : د.إياد البكريفي احدث معرض تشكيلي أطلق عليه فضاءات -4 أقيم في واحدة من اكبر قاعات العرض التشكيلي قاعة ألف- ياء في العاصمة الدنماركية كوبنهاكن .نظم المعرض الفنان العراقي حسين عباس، الذي قدم ثماني عشرة لوحة وسجل حضورا متميزا وإقبالا كبيرا على لوحاته المعروضة.
وقد نظم الفنان من قبل معارض فنية عدة في العواصم العربية : تونس وعمان وبغداد .تثير فينا لوحات الفنان حسين عباس أكثر من تساؤل وأكثر من تأويل باشتغاله على بحث أو مشروع ما يسمى بالفن المحيطي أو الفن البيئي ، بوصفه فن الصمت المطلق والتنبه لجوهر الأشياء والموجودات ،ومن ثم تمظهراتها الخارجية التي كونت عبر التحولات البيئية منجزات إبداعية غير منظورة ، فباتت الندوب والتكسرات والشقوق وفقدان بعض الأجزاء وعوامل التأكسد والصدأ قيماً جمالية تستأنف بث تشكيلاتها التي تنطوي على مسيرة الأثر الزماني والمكاني (البيئي).يعلّق الفنان حسين عباس على تجربته ((الفن المحيطي- البيئي)) بالقول لا توجد فلسفة بالمعنى الإصلاحي لكلمة فلسفة هنا ، أي جعل كل ما هو غير مرئي مرئيا جماليا عبر الفعل التشكيلي الخاص فمناخ العمل يندرج ضمن رؤية شرقية قائمة منذ زمن بعيد، تلك الرؤية التي تجعل من الرسم فعلا طقوسيا صوفيا مرتبطا بكل ما هو متجذر بالذات الشرقية الروحية الصوفية .وهنا كانت الرؤية مختلفة عن مفهوم الرسم بمعناه المعروف رسم الطبيعة والوجوه والأشياء. وسطح اللوحة هنا هو اللوحة ذاتها عبر نفي المنظور واختزال المشهد عبر ذلك السطح إلى رموز وأشكال غير مكتملة تجعل من المشاهد جزءا مهما في اكتمال الخطاب الجمالي. وعن إعادة صياغة المشهد المرئي المنجز أو المتكون بفعل الطبيعة ، يقول الفنان حسين عباس: ذلك المشهد يخضع لقوانين اللعبة الفنية القائمة على تحقيق التوازن وخلق علاقات لونية وإخضاع اللوحة لمراحلها المتتابعة، بحيث تجعل من العمل الفني (اللوحة) مركز الاهتمام، بعد أن كان المشهد المرئي لحظة عابرة .هنا يكون فعل الفنان عبر خلق جديد ما تفعله الطبيعة على السطوح (الجدران، الصخور ولوحات الإعلانات) يجعلني اشعر بقدم الأشياء وزمنها الذي مضى ويحيلني ذلك إلى أمكنتها المرتبطة بذلك الزمن، ويجعلني استعيد بذاكرتي (الحلم) تلك الرسوم الفاتنة والرموز والأشكال المختزلة التي رسمت على الأختام والألواح ، ذلك المخزون الحضاري الذي يعيدني إلى لون التراب وعالم السحر والتخيّل .فكل تلك التراكمات على سطح اللوحة إنما هي محاولة لإعادتها إلى زمانها الطبيعي. البعد الواحديؤكد الفنان حسين عباس ،انه واحد من جيل من الفنانين الذين تأثروا بمدرسة الفنان العراقي شاكر حسن ال سعيد ،حيث اثر هذا الفنان في جيل من الفنانين وهو ينتمي إليهم عبر أعماله وبحوث في هذا المجال (البعد الواحد- المحيط)،فكان للفنان السعيد تأثير ايجابي ، جعل من هذا الجيل يبدأ لينتهي إلى شيء جديد يحمل خصوصية وتطورا إلى عملهم الإبداعي التجريبي.ويعلق الفنان حسين عباس على مدرسة البعد التي ينتمي إليها بالقول (هو لون يعتمد على دراسة اللوحة من بعد واحد ويعمل على إدخال الحرف وأنواع الحروف الأخرى والتراب والفولكلور العربي في اللوحة ويعتمد على استخدام الكتابات الموجودة على الجدران الأثرية والخامات الطبيعية).ويعتمد الفنان حسن عباس أن اللوحة هي وليدة الذاكرة بمعنى المشاهدات والصور وهي عالم للأحاسيس والرؤى والتحولات والأحداث ، إنها التعبير الصامت عن الحدث في لحظات يستحيل فيها الكلام.وإن لوحاته المعروضة في حد تعبيرها هي حالة قائمة في آخر مشهد داخلي، أي تعبير عن الذات، من خلال اللون والمفرد التشكيلي لهذه الأعمال الجديدة بالنسبة إليه والتي يعرضها لأول مرة.وأكثر اللوحات التي ميزت وبرزت في أعمال الفنان حسين عباس هي لوحة (الفجوة) فجوة الغربة والابتعاد عن وطنه الأم العراق. ويصف لوحة الفجوة بأنها تعبير عن حب العراقيين المغتربين عن وطنهم ، من خلال مفردات كثيرة يبرزها الفنان في تداخلات وتدرجات الألوان والخطوط.وأشار الفنان حسين عباس إلى أن حركة التشكيل في العراق ما زالت تتوصل عبر أسماء مهمة في حركة التشكيل العراقي أمثال محمد مهر الدين، شاكر حسين آل سعيد إسماعيل فتاح الترك ، علاء بشير ، محمد غني حكمت ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الفنانين الشباب ، ولكن بالتأكيد ليس بالفترة نفسها التي كانت عليها قبل سنوات الحصار .هناك أسماء فنية كبيرة تركت الساحة الفنية في العراق وتوجهت الى أماكن أخرى مختلفة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع العراقي لذلك نجد التشكيل العراقي حاضرا في بلدان كثيرة في الوطن العربي وأوروبا ويؤكد هويته الفنية من خلال هذا الحضور.وتحدث الفنان حسين عباس الذي كان يعمل قبل عدة سنوات أكاديمياً في قسم الفنون التشكيلية في كلية الفنون والإعلام ، بجامعة الفاتح منذ العام 1995 ،عن انطباعه للحركة الفنية التشكيلية الليبية التي يمثلها جيل علي العباني وعلي قانة وبشير حمودة والطاهر المغربي وغيرهم، وهي تمثل مرحلة متقدمة في التشكيل العربي .هنا
التجربة الفنية العربية في المهجر..التشكيلي حسين عباس: اللوحة وليدة الذاكرة
نشر في: 21 إبريل, 2012: 12:55 م