حازم مبيضينتؤشر معظم التقارير إلى جولة ثانية في انتخابات الرئاسة الفرنسية غداً الأحد, ستنحصر بين الرئيس الحالي نيكولاي ساركوزي, ومنافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند, الذي تشير معظم استطلاعات الرأي إلى فوزه بفارق كبير, ولكن في الدور الثاني, بسبب ما يقال حول إحجام الناخبين عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع, أما مرشحة اليمين المتطرف ماري لوبان فإنها ستخرج من السباق مبكراً,
ومعها سيغادر جاك ميلونشون مرشح اليسار والشيوعيين, المتوقع أن يحل في المركز الثالث, وهناك مرشحون ثانويون, يبدو أنهم يدخلون السباق كدعاية لأفكارهم وأحزابهم, كحزب الخضر والتروتسكيين والحزب الجديد ضد الرأسمالية, وإذا كنا نتوقع فوز هولاند في الجولة الثانية , فإن ذلك سيعتمد بالتأكيد على موقف مناصري لوبان من أقصى اليمين, وميلونشون الذي جمع أصوات اليسار الذي يناوئ ساركوزي. المسلمون والعرب في فرنسا, ورغم عددهم الكبير, لايشكلون ثقلاً في انتخابات الرئاسة, فالمسلمون يمنحون أصواتهم وفقا لمواقف المترشحين من قضايا تعنيهم, كالهجرة والإدماج والرعاية الإجتماعية, إضافة إلى الموقف من قضية الذبح الحلال, والربط بين الإسلام والعنف والارهاب, ومن المرجح أنهم سيستفيقون في الدور الثاني لدعم هولاند, الذي أسند مهاماً محددة في حملته الانتخابية, لستة من العرب يتحدرون من اصول مغاربية, من أبرزهم المغربية نجاة بلقاسم,نائب عمدة ليون والناطقة الرسمية اليوم باسم المرشح الإشتراكي, والمرشحة للفوز بمنصب وزاري في حال فوزه, وفي المقابل فقد اكتفى ساركوزي بتعيين جزائرية واحدة في الطاقم الإعلامي لحملته, ومهم هنا التذكير بالشاب الفرنسي من أصل جزائري محمد مراح, الذي أقدم قبل فترة وجيزة من الانتخابات على قتل سبعة فرنسيين, تصادف أن أربعة منهم مسلمون واثنان من اليهود, وأحيا ذلك خطاب ساركوزي عن فرنسا القوية في مواجهة التطرف, في حين اعتبر هولاند أن الجريمة تطرح أسئلة حول الفشل في منع وقوعها, ودعا لتحسين العمل الاستخباري, وإن كان اعتبر أن الأمن يقع في مرتبة متأخرة من اهتمامات الفرنسيين, التي تتركز على البطالة والصحة وعدم المساواة. في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية, وجد هولاند نفسه يدور من بيت إلى بيت, في محاولة لكسب أصوات نحو ثلث الناخبين ممن لم يحسموا أمرهم بعد، وزار نشطاء حزبه أكثر من مليوني منزل, في إطار حملتهم التي تستهدف خمسة ملايين منزل, والرامية إلى مكافحة ظاهرة عدم مبالاة الناخبين، وعلى الرغم من اعتبار نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية مرتفعة في العادة، فقد أخفقت هذه الانتخابات في جذب اهتمام الناخبين، حيث يتهم كل من الرئيس ساركوزي والمترشح هولاند بالإخفاق في وضع تصور لكيفية إنعاش الاقتصاد الفرنسي, إضافة إلى تزامن يوم الانتخاب مع العطلة الاسبوعية , وبعض الأعياد الدينية, ما دعا السلطات إلى حث الناخبين الذين يتواجدون خارج البلاد في ذلك اليوم, إلى تكليف آخرين بالتصويت نيابة عنهم. يلاحظ في انتخابات الرئاسة الفرنسية هذه, أن قضية الضواحي سقطت من حسابات الناخبين, وأتى ترتيبها في المرتبة الاخيرة من الإهتمام, الذي تركز على مكافحة البطالة والقدرة الشرائية والصحة, وذلك بعكس الانتخابات السابقة, والمعروف أن أصوات الضواحي تذهب عادة إلى اليسار, ولذلك فهي ليست رهاناً انتخابياً, والمؤكد أن ساركوزي لن ينال منها الكثير, بعد تصريحاته إبان أحداث الضواحي عام 2005 , حين دعا لتنظيف تلك الضواحي من الحثالة بخراطيم المياه, كما تنظف الأماكن من القاذورات, وحين يدعو ساركوزي من وصفهم بالأغلبية الصامتة للمشاركة بفعالية, فإنه يبدو غير مدرك أن أصوات هذه الأغلبية لن تصب في صالحه.لن يكون غداً يوم الحسم, إلا لجهة تحديد من يخوض الجولة الثانية. واستناداً إلى التجارب السابقة, فإن من يحصل على نسبة أصوات أعلى في المرحلة الأولى, لن يكون الفائز المؤكد في الجولة الثانية, التي ستشهد اصطفافات جديدة, وتحالفات لن يقف فيها اليمين إلى جانب ساركوزي, بينما المؤكد أن اليسار سيحشد لإنجاح هولاند, وهو المرجح حتى الآن, إن لم تحدث مفاجأة غير متوقعة.
في الحدث: الاليزيه بين ساركوزي وهولاند
نشر في: 21 إبريل, 2012: 01:32 م