TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: لماذا تتواصل العمليات الإرهابية؟

شناشيل: لماذا تتواصل العمليات الإرهابية؟

نشر في: 21 إبريل, 2012: 03:14 م

 عدنان حسينكالعادة ، بدم بارد وثقيل ضرب الإرهابيون من جديد في يوم خميس آخر في مناطق عدة من البلاد في الوقت عينه وراحوا يتابعون بانتشاء واطمئنان من بيوتهم وأوكارهم الآمنة تفاصيل الأخبار عما خلفته أعمالهم الإرهابية من قتلى وجرحى وأضرار في الممتلكات.
وكالعادة أيضاً، وبدم بارد وثقيل طلع علينا مسؤولون أمنيون يهوّنون من حجم الكارثة التي سقط فيها دفعة واحدة نحو 180 إنساناً بين قتيل وجريح، فهم أنبؤونا بأن هذه الاعتداءات جاءت "بعد استقرار أمني ملحوظ وسيطرة كبيرة للقوات الأمنية نتيجة ضربات عنيفة أطاحت برؤوس كبيرة وخلايا لتنظيم القاعدة الإرهابي". الاعتداءات الإرهابية السابقة كلها كانت هي الأخرى تجري بعد "استقرار أمني ملحوظ"، فالإرهابيون هم الذين يفرضون "الاستقرار الأمني" لأنهم لا يضربون يومياً وإنما يختارون أيام اعتداءاتهم اختياراً وينفذونها في غفلة تامة من أجهزة الأمن التي من الصعب قبول إعلانها بأنها تحقق "سيطرة كبيرة" على الوضع الأمني، بدليل استمرار وقوع هذه الاعتداءات بالأسلوب نفسه تماماً. بدم بارد وثقيل أيضاً عدّ المسؤولون الأمنيون هدف هذه التفجيرات المنسقة "رسالة توجهها العصابات الإرهابية بأنها ما زالت على قيد الحياة وأنها لم تخسر المعركة بالكامل مع القوات الأمنية العراقية". هذا كلام غير دقيق، فالإرهابيون يختارون أهدافهم بعناية  ويضربون وهم مطمئنون الى ان يد الدولة لن تطولهم. الاعتداءات هي هدف في حد ذاته وليست مجرد "رسالة".المسؤولون الأمنيون يذهبون بعيداً عن الشيء الوحيد المفيد الذي كان عليهم قوله، وهو أنهم مسؤولون فاشلون يضعون وينفذون خططاً أمنية فاشلة. هذه الخطط كانت ولم تزل تعوّل على التفتيش في نقاط التفتيش التي تسمم حياة الناس في بغداد خصوصاً، وبسببها تتعرض الحكومة ومسؤولوها الى السخط، والاستهزاء من عدم جدوى التفتيش. عدم جدوى نقاط التفتيش تؤكده المعلومات المستقاة من التحقيقات الأولية التي أجراها مكتب القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء) وأفادت بأن "عمليات التفجير تمت تهيئتها قرب الموقع المستهدف، إضافة إلى أنها لم تخترق أو قد تكون مرت من خلال نقاط التفتيش الأمنية" (شفق نيوز). إذا صح هذا الاستنتاج فمن المفروض أن تُعدّل الخطط الأمنية تعديلاً شاملاً، فيُستغنى عن نقاط التفتيش ( يمكن إقامة نقاط تفتيش متنقلة وعشوائية) ويجري التركيز على الجانب الاستخباري، وبالذات على تعاون المواطنين.في 11/9/2001 تعرضت الولايات المتحدة الى عمل إرهابي كبير للغاية، لكن ذلك لم يدفع سلطاتها الى فرض نظام التفتيش. وكذا الحال مع بريطانيا التي شهدت عاصمتها في 7/7/2005 عملاً إرهابياً غير مسبوق، ولم تقم الشرطة البريطانية نقطة تفتيش واحدة. السلطات الأميركية والبريطانية اهتمت بدلاً من ذلك بالجانب الاستخباري، وبالذات بنشر كاميرات المراقبة في الشوارع.مهما فعلت أجهزتنا الأمنية لن تنجح في دحر الإرهاب والإرهابيين، فالإرهاب يعيش على الخلل الكبير في نظامنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ثلث العراقيين يعيشون تحت خط الفقر، ومئات الآلاف من خريجي الجامعات وسواهم عاطلون عن العمل، والدولة مقصّرة في تأمين الخدمات الأساسية (الكهرباء، الصحة، التعليم،السكن، الخدمات البلدية.. الخ)، والسبب الأول في ذلك ان حصة كبيرة من ثروة النفط تذهب الى الفاسدين والمفسدين وان الحكومة غير جادة في مكافحة الفساد، وان الدولة لا يتولاها الوطنيون المخلصون والأكفاء، وان مجلس النواب مقصّر كلياً في القيام بواجباته التشريعية والرقابية.ما لم ينته هذا كله لن يكون هناك أمن في البلاد. سيظل سهلاً على الإرهابيين أن يواصلوا تهيئة تفجيراتهم بالقرب من أهدافهم أو بعيداً عنها، وأن يضربوا في المكان الذي يريدون وفي الوقت الذي يختارون بدم بارد وثقيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram