علي حسينالحمد لله، ستنتهي الأزمة السياسية بين دولة القانون والقائمة العراقية في وقت قريب جدا، وسيتجنب العراقيون شر حرب طاحنة هم في غنى عنها في مرحلة عصيبة نواجه فيها غياب الطماطة.. وغياب العقل والرشد عند العديد من سياسيينا ومسؤولينا.بالأمس أفقنا على كابوس التفجيرات، لنكتشف أن كل الكلام والشعارات والخطب الرنانة عن دحر الإرهاب وجاهزية قواتنا الأمنية والخطط والإجراءات المتشددة في نقاط التفتيش ليس إلا أوهاما اخترعها البعض ورددها على أنها حقائق، ثم نام مطمئنا قرير العين.
وقبلها باغتنا مولانا السيد رئيس الوزراء بمفردات مبتكرة، مزيدة ومنقحة، من خطبه التي لا تنضب أبداً بما فيها من غرائب وعجائب، حيث قال لا فض فوه "دحرنا العلمانيين والماركسيين". واليوم ينضم وزير الزراعة عز الدين الدولة لدائرة العشوائية التي تحاصرنا من كل مكان، فقد اكتشف سيادته أن مشاكل العراقيين وأزماتهم يمكن لها أن تحل لو أنهم تحلوا بالصبر وامتنعوا عن تذوق "الطماطة" لمدة شهر واحد. بداية لا أريد أن يتهمني البعض بأنني اسخر من السيد الوزير، وبصرف النظر عن أن فكرته هذه من النوع المحمل برؤوس فكاهية تصيب متلقيها بنوبات لا تتوقف من الضحك، إلا أنها تبقى في نطاق الفكرة التي يمكن لها أن تغيّر حال العراقيين. وزير الزراعة الذي يحمل شهادة في القانون يعزو ارتفاع سعر الطماطة بسبب إقبال العراقيين على أكلها، وعليهم أن يغيروا من عاداتهم الغذائية ويستبدلوا هذه المادة بان يتناولوا أي بديل آخر وليكن البصل مثلا، حديث الوزير يثبت أن الأداء لا يسر، وهي العبارة التي تتردد اليوم على لسان معظم الذين تحدثوا عن الحكومة. ومربط الفرس شكوى الناس من الأداء الحكومي الذي ابرز ملامحه، البيروقراطية القاتلة، وانتشار الفساد المالي والإداري وتفشي الرشوة والمحسوبية.لا أريد أن أفرط في ذكر الأمثلة.. بينما الأجواء السياسية محتقنة.. والشائعات كثيرة.. فيكون ما أذكره مديحا لهذا أو انتقادا لذاك.. ولكن الواقع متباين بالفعل في الوزارات.. وهناك عدد لا بأس به من الوزراء لم يقم بما هو متوقع منه في معالجة الملفات المختلفة، والمشكلات الحياتية اليومية.. بل إن بعضهم لا توجد قنوات تواصل حية بينهم وبين موظفيهم الذين يعملون معهم.لنأخذ مثلا موضوع الكهرباء فقد رصدت ميزانيات ضخمة لمعالجة هذه المشكلة المستعصية، التجارة وملفات الفساد التي أغلقت بأمر من جهات عليا، التربية وتردي المستوى التعليمي، والقائمة تطول لوزارات أصبحت أشبه (بخيال مآته) بالنسبة للمواطن، لكنها في الوقت نفسه تحولت إلى (مقاطعة) سجلت (طابو) باسم الوزير والمقربين منه والمحسوبين عليه الناس كانت تمني النفس بوزراء لديهم قدرة على الابتكار.. منشغلين بهموم المواطن أكثر من انشغالهم بأنفسهم وبالذين يدورون حولهم.. وزراء متواجدين بصفة مستمرة بين الناس.. لأنهم العنوان الأقرب للحكومة.. وزراء يتفهمون طبيعة الوزارة التي يعملون فيها.. لا وزراء يخرجون إلى الناس إلا إذا حدثت مشكلة، وان خرجوا تحدثوا خارج حدود المشكلة، وزراء قادرون على إحداث التوازن بين الحكومة والمواطن.. وخلق السبل التي تؤدي إلى تسهيل حياة الناس كل يوم. للأسف تصريح وزير الزراعة يثبت بالدليل القاطع أن الحكومة مصرة على أن لا تتحلى بقليل من الرحمة والشفقة إزاء هذا الشعب المسكين الذي يطلب منه دوما أن يستمع ويصفق لبيانات كوميدية، ويثبت بالدليل القاطع إن حكومتنا الباسلة مصرة على فتح الباب على مصراعيه لخروج العلم والكفاءة والخبرة والتخطيط من حياتنا، ودخول الخرافة والوهم والسذاجة والتخبط وعدم المسؤولية والانتهازية، ما نشاهده اليوم ونسمعه من على شاشة الفضائيات يؤشر بأننا داخلون لا محالة إلى مرحلة من الاستسلام التام لما يقوله الجهلة وعديمي الكفاءة والخبرة، وربما تطورت هذه الحالة من الزراعة إلى مجالات أخرى أخطر في حياتنا.. ليس من بينها السياسة بالطبع لأننا في هذا المجال بالذات ودعنا العقل والمنطق منذ زمن بعيد، وباتت مصائرنا مرهونة بخطب رنانة يلقيها علينا سياسيون لم يبلغوا سن الرشد بعد .
العمود الثامن:وزير ولو بـ"الطماطة"
نشر في: 28 إبريل, 2012: 05:45 م