عالية طالبمن منا لا يعرف محليا ماذا تعني محافظة ديالى التي سميت يوما " مدينة البرتقال" ، حين كانت واحدة من المحافظات المهمة والغنية بمواردها المائية وأراضيها الزراعية التي تتمتع بوفرة المياه وانتشار زراعة الحمضيات حيث تعد السدود والأنهار المهمة العامل الأساسي للأراضي الزراعية والداخلة في توليد الطاقة الكهربائية، كما أنها المحافظة التي تشكل نقطة الارتكاز لطاقة البلد الكهربائية والكهرومائية.
هذه المحافظة المظلومة 80% من مصادر مياهها السطحية يأتي من دول الجوار حيث تجري المياه في نهر ديالى ونهر (الوند) لتصب في المجرى الرئيسي لنهر ديالى ويسمى في إيران بنهر (سيروان) وبعد انشاء خمسة سدود على نهر (الوند) مع حفر قنوات وانفاق على نهر ديالى انخفض تصريف نهر الوند الى 5م/ مكعب في الثانية بعد ان كان (50 - 60 م/ مكعب/ ثا) بالاضافة الى عدم وجود آلية منظمة لتشغيل السدود بشكل مركزي تتعلق بسد دربندخان الذي يقع في إقليم كردستان العراق لسد حاجة سد حمرين لكي يفي بمتطلبات سكان المحافظة . مجزرة زراعية وغذائية واقتصادية تعيشها هذه المحافظة منذ سنوات طوال اذ تبلغ مساحة البساتين في ديالى نحو ربع مليون دونم 60% تعرضت لإضرار كبيرة وفقدت قدرتها الانتاجية بسبب الجفاف والتردي الامني خلال الاعوام التسعة الماضية . و80% من واقعها الزراعي تعرض للتوقف لذات الاسباب التي لم تبذل في معالجتها جهودا سياسية ودبلوماسية وخدمية ووزارية ومؤسساتية جيدة .وحين زرت قرية " سراجق" القريبة من ناحية " دلي عباس" أصابتني الغصة وأنا ارى حجم الدمار والموت الذي حل ببساتين القرية والذي حولها الى ارض عجفاء يعلوها نخيل منكسر يعاني الامراض واشجار حمضيات متيبسة وادغال ونفايات واطيان تغطي المجرى المائي الذي كان يغذي القرية يوما بالحياة ليتحول الان الى مكب نفايات وتصريف للمياه الثقيلة لبيوت القرية التي كانت خضراء زاهية ترفد بغداد وبعقوبة بشتى الفواكة قبل ان ينهي مالكو بساتينها انتظارهم الطويل للمياه والذي لم يسفر الا عن ارهاقهم ماليا وجسديا ونفسيا فجلسوا يتفرجون على موت بساتينهم دون ان يأسفوا عليها !!ماتت فاكهتنا بسبب عدم بذل مسؤولينا الجهود اللازمة لحل ازمة مياه هذه المحافظة وعالجت هذا الموت بالاستمرار باستيراد الفاكهة من ايران وسوريا وتركيا مما أدخل الى المحافظة ذبابة البحر الابيض المتوسط او ما تسمى بـ (الذبابة البيضاء)، والتي تصعب مكافحتها والقضاء عليها نتيجة لمرورها بـ 13 دورة حياة خلال السنة الواحدة .ولم يبال احد من هؤلاء المسؤولين بتنشيط عمليات الكري والتطهير و إزالةالحشائش والقصب التي تعلو لأمتار على مياه المحافظة بكل قراها مما جعلها في أسوء حالاتها وصولا الى خوف حقيقي من وصول الحال الى حالة اندثار المياه قريبا .كل هذا يجري ومعه ما يتعرض له نهر ديالى بشكل مستمر للعديد من الملوثات ومنها رمي كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي مباشرة دون معالجتها، اضافة الى رمي مخلفات المستشفيات الحكومية والنفايات وهي ذات خطورة بالغة جدا نظرا لما تحويه من مواد كيمائية .سؤال غير خجول : اليس لدينا وزارة زراعة ومحافظة ومجلس محافظة ومديريات زراعة وري وبزل ؟؟ أم لدينا كل هذا ولكن فوائد الفواكه والخضرالمستوردة أهم واكثر جدوى ، ولا تسألوني لمن !!!!
ابتكارات الدمار الزراعي
نشر في: 28 إبريل, 2012: 06:18 م