هاشم العقابيما زال بريدي الالكتروني يحمل رسائل من بعض الأصدقاء فيها روابط عن مقالات تتحدث عن هجمات يتعرض لها الحزب الشيوعي من قبل البعض. قرأتها فعادت بي الذاكرة الى أيام، كان يطلق عليها "أيام الجبهة" و كنت، في آنها، اعيش بمدينة الثورة (الصدر الآن).
كنت في تلك الايام اسكن في قطاع 14 وبالتحديد عند نقطة التقائه مع قطاعات 15 و13 و12. وهذه التقسيمات رغم انها ادارية، كما يبدو، لكنها لا تخلو من سمات سياسية وقومية اطلقها عليها اهل المدينة. فقطاعا 14 و13 كانا من ضمن حي الاكراد. وقطاع 13 متهم بانه قطاع شيوعي . وقطاع 12 فهو بعثي وان لم ينتم. أما قطاع 15 فيمكنكم القول انه قطاع علماني الى حد ما، وذلك لكثرة ما يسكنه من المثقفين والفنانين التشكيليين والمطربين والرياضيين اليساريين كاللاعب بشار رشيد الذي اعدمه النظام السابق.عند نقطة الالتقاء تلك كنا نلتقي في مقهى على راس مربع يشكل كل قطاع زاوية منه. انها مقهى "ابو عباس" البغدادي والكرادي الاصيل. فينا ابناء عشائر جنوبية صرفة، ومن الموصل وسامراء وعانة والرمادي وكربلاء وديالى والحلة والنجف وغيرها. ورغم هذا الخليط العراقي الفسيفسائي الجميل الا ان هناك شخصيات كانت مميزة لا يمكن ان تنساها الذاكرة. منهم الشيوعي "حسن الاوتجي" الذي كانت دكانته ملتصقة بالمقهى.كان حسن يرفض استعمال مكواة الكهرباء ويصر على استعمال "ام الفحم". ومع ان كي القمصان والبناطيل هي مهنته الرئيسة، لكن "الدومنة"" خاصة لعبة "الازنيف"، تشغله اكثر، حتى انها كانت تنسيه قراءة "طريق الشعب" في كثير من الاحيان.كان حين يدخل في نقاش حاد حول حزبه مع الآخرين، تتعرف على صوته المرتفع من بعيد بفعل لهجته النجفية المميزة. اذكر انه في واحدة من لحظات الشد والعصبيه اثناء لعب "الازنيف" عّيره منافسه بالقول: "اسكت شوعي". كنا نتوقع من حسن ان يركض لجلب "توثيته" مثلما فعلها من قبل. العجيب انه هدأ ورد على مقابله: "ما دام تسميني شوعي مو شيوعي فمعناها ما راح يصير براسك خير لو بعد الف سنة".وفي ليلة من ليالي الصيف عاد حسن الاوتجي سكرانا من سهرة قضاها في نادي النفط وربح بها الجائزة الاولى في لعبة "الدنبلة". كان فرحا منتشيا حتى انه غنى. بعدها دخل في نقاش، لم نكن نعرف فحواه، مع الذي سبق ان عيّره. وفجأة تحول النقاش الى ضرب بالايدي . ليش يمعودين؟ فهمنا انهما دخلا في نقاش حول من هو الاحق بمنصب الخليفة الاول: ابو بكر ام علي؟ يبدو ان خصمه كان منحازا لابي بكر وهذا ما اغضب حسن فافقده اعصابه.لم تمر سوى لحظات حتى شعر حسن بالندم واعتذر لصاحبه ولنا. وحين صفا الجو تقدم نحو خصمه وقال له: "شوف أخي، أنا لو تحجي على فهد، قد اتساهل وياك، لكن ان تحجي على الامام علي، فهاي لا يمكن ان اتساهل بيها وفعلا اصير شوعي مو شيوعي".اسأل مرة أخرى: يصير النوب دهري بيكم يعود؟
سلاما ياعراق : شوعي أم شيوعي؟
نشر في: 28 إبريل, 2012: 06:29 م