TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لا تقتلوا حرية الصحافة

لا تقتلوا حرية الصحافة

نشر في: 28 إبريل, 2012: 06:48 م

علي حسين عبيدالصحافة الحرة رئة الديمقراطية التي تتنفس من خلالها كي تبقى – الديمقراطية - على قيد الوجود والاستمرارية والثبات، إذ لا ديمقراطية حقيقية من دون حرية تامة ومكفولة للصحافة، كل الأنظمة السياسية الدكتاتورية أو سواها تعي ذلك وتفهمه، فالمشكلة لا تتعلق بالفهم، بل بالتطبيق، والقدرة على حماية حرية الصحافة بقوة الدستور وتطبيق القانون.
الأنظمة التي تقمع الصحافة تظن أنها تحمي نفسها من الزوال، وهو أمر غاية في الغباء، لأنه يشبه تماما السباحة ضد التيار، إذ ستأتي الساعة التي تحين فيها لحظة العجز عن مواصلة السير في المسار الخاطئ تبعا لقانون (لا يصح إلا الصحيح)، وهذا ما تؤكده التجارب التأريخية التي عرضت لنا المشاهد المدوّية لسقوط أعتا الدكتاتوريات في العالم.في تأريخنا العراقي المنظور أو سواه، لدينا تجارب مريرة في مجال قمع الصحافة، يمكن أن تتحول الى دروس للقادة السياسيين وللنظام السياسي الحالي في العراق، إذا ما أحسنوا الاستفادة منها، على أننا يجب أن نتفق بأن مهمة حماية حرية الصحافة، ليست من اختصاص النظام السياسي الحاكم فقط، بمعنى أن الجميع، سياسيون وإعلاميون ونخب أخرى، عليها أن تسهم بوضوح في تحقيق هذا الهدف الجوهري، ولكن يبقى النظام السياسي الحاكم، هو الطرف الأول، والأكثر تأثيرا في قضية قمع الصحافة أو حمايتها، ومساعدتها على أداء عملها المهني كما يجب، لاسيما في مجال فضح الفساد ومكافحته، وتطوير منهج الرصد والمراقبة والضغط، لتصحيح الأخطاء التي قد تحدث في مؤسسات الدولة المختلفة. هنا تظهر لنا المعادلة التالية، كلما ازداد قمع الصحافة يزاد الفساد بأنواعه، حجما وقوة أو العكس، وهذا يعني بوضوح أن النظام السياسي الذي يحد من حرية الصحافة، يقف الى جانب الفساد ويحمي الفاسدين والمفسدين، بما في ذلك مسألة الإرهاب، لذلك هناك طريقان أمام الحكومة ومؤسسات الدولة، أما أن تقف إلى جانب الصحافة، فتُبعد عن نفسها تهمة الفساد والإفساد، وأما العكس، لأن الصحافة الحرة تساعد بقوة على محاربة الظواهر السلبية، وتسهم على نحو مستمر في بناء دولة نزيهة ونظيفة من الفساد المتعمَّد.ولكن من المؤسف حقا أننا نلاحظ استمرار المضايقات الرسمية ضد الصحافة، من خلال رفع الدعاوى المستمرة ضد الصحفيين والكتاب وبعض الوكالات الإعلامية، نعم نحن نتفق على أن القانون ينبغي أن يحمي المسؤول الحكومي والإعلامي معا، وأن يقف في مسافة واحدة منهما، ولكن هناك حالات واضحة تهدف إلى قمع الصحافة بحجة القانون، لدرجة أنها تحوَّلت إلى ظاهرة مثيرة للقلق والاستفزاز أيضاً، حيث يتعرض الكتاب والصحفيون إلى حالات ابتزاز مالية أو سواها، كما نسمع من وسائل الإعلام عن طلب بعض المسؤولين الحكوميين في الحكومة الاتحادية، أو الحكومات المحلية في بعض المحافظات، مبالغ تعويضية كبيرة جدا، هدفها إرعاب الصحفي وتخويفه، ومن ثم منعه عن أداء دوره في كشف الفساد وملاحقة أصحابه، كما حدث مؤخرا في محافظة ذي قار مثلا.لذلك لابد أن تبقى قضية حرية الصحافة مبدأ معمولا بها، كي تتحول إلى منهج حياة لا تراجع عنه، وعلى الحكومة الاتحادية وحكومات المحافظات (إذا أرادت أن تبعد عن نفسها شبهات الفساد التي يتداولها الشعب) أن تبتعد كليا عن محاربة الصحفيين والكتاب مهما كانت الأعذار، لأننا جميعا بما في ذلك أعضاء الحكومات ورؤسائها، نتفق على وجود الفساد وتغلغله في مفاصل الدولة ومؤسساتها كافة، بدرجات ومخاطر متفاوتة، وأن بناء الدولة السليمة لا يمكن أن يتم بعيدا عن الصحافة القوية المتعافية المحمية من الابتزاز، لكي تكون لها القدرة على العمل الحر في أجواء متحررة، لتسهم بقوة في القضاء على الفساد، وحماية الديمقراطية التي يحاول أن يجيّرها أصحاب الفساد لصالحهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram