بغداد / وائل نعمة وسط العاصمة وعند احد التقاطعات المليئة بالمتسولين وباعة المناديل الورقية انحنى مراهق على إحدى النساء المنكوبات الجالسات على الرصيف ودس في يدها ورقة حمراء "25 ألف دينار" وفر هاربا إلى مراهق آخر كان ينتظره عند الشارع الآخر. لم تصدق العجوز الفقيرة ما حصل فلم تكن يداها قد اعتادتا الإمساك بفئات نقدية كبيرة، حتى ظنت أن العملة مزورة.
المراهقان كانا قد سرقا هذا المبلغ من صاحب المحل الذي يعملان عنده، وحينما شعرا بالذنب اقترح احدهم أن يكفر عن خطئه بإعطاء النقود إلى احد الفقراء بالشارع، نظرا لأنهما لا يستطيعان إرجاعه إلى صاحبه الأصلي خوفا من اكتشاف أمرهما.إكساب المال الحرام شرعيةً بات يجري على مستويات أعلى، فردا على سؤال من احد أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ، قال الأخير (بشأن تقديم بعض المسؤولين بوزارات الدولة تسهيلات للمقاولين يؤدي بعضها إلى إلحاق ضرر بالمال العام وهدر حقوق المقاول الذي يستحق الإحالة قانونا وشرعا ويستولون على أموال كبيرة، ولاسيما أن هؤلاء المسؤولين يدعون أنهم يستغلون هذه الأموال لدعم الفقراء أو تمويل الجهات التي ينتمون لها) وتلقت "المدى"، نسخة منه، فأجاب "أكثرهم كاذبون وسارقون وهادرون لقوت الفقراء والأموال العامة"."من يقول إن الفقير لو عرف بمصدر الأموال سوف يقبلها؟"، يقول عضو لجنة الأوقاف والشؤون الدينية البرلمانية علي العلاق ويضيف "الدولة والقانون يحميان الفقراء".ونفى العلاق بشدة إمكانية أن يصبح المال المأخوذ بطريقة غير شرعية "حلالا". مؤكدا أن المال المسروق او المغصوب لا يكسب صفة الشرعية إلا في حاله إرجاعه إلى صاحبه الأصلي، وليس أن يوزع على الفقراء، لافتا الى ان هؤلاء المسؤولين يلعبون بعقول الجمهور وبالمناقصات وبأموال الشعب، ويتعاقدون مع شركات وهمية وفاسدة ويصبغون أعمالهم غير القانونية بصبغة شرعية بادعائهم توزيع الأموال الفاسدة على المحتاجين.يستمر الفساد في البلاد ليأخذ منحى ساذجا في تبريره، كما تصفه النائبة ماجدة التميمي التي تقول "نحن نتربع على عرش الدول الأكثر فسادا في العالم، وبعض المسؤولين يخدعون المواطن بتبريرات ساذجة".النائبة عن الأحرار تدعو الجمهور إلى أن يبلغ على المفسدين، لاسيما وإنها تؤكد تسلمهم الكثير من الشكاوى عبر الهاتف تهتم مسؤولين بأخذ الرشوة ولكن يمتنعون على إعطاء الأسماء...."المفسدون أشباح بالنسبة لنا".استخدام الحيلة الشرعية كما يتحدث عنها الناشط المدني محمد السلامي يجب أن تصب في المصلحة العامة او لتحقيق هدف نبيل، ولكنهم –ويقصد بعض المسؤولين- يستثمروها لتحقيق مصلحتهم الفردية او الحزبية.السلامي ينتقد بعض الشخصيات الحزبية التي لفت عمامة الدين على رأسها وفي الباطن يقول بأعمال تجارية ومقاولات يحصل عليها عن طريق ادعائه التدين."تذكرنا بالشخصية المشهورة في الفلكلور الانكليزي روبن هود"، يشير عادل محمد أستاذ اللغة الانكليزية في إحدى الثانويات إلى انه يمكن ان يدعي هؤلاء المسؤولون الفاسدون بأنهم يأخذون الأموال من الأغنياء وتوزيعها بطريقتهم الخاصة على الفقراء كما كان يفعل "هود". وهود شخصية إنجليزية برزت في الفلكلور الانجليزي وهي تمثل فارسا شجاعا، مهذبا، طائشا وخارجا عن القانون، عاش في العصور الوسطى وكان يتمتع ببراعة مذهلة في رشق السهام. تمثل أسطورة روبن هود في العصر الحديث شخصا قام على سلب وسرقة الأغنياء لأجل إطعام الفقراء، بالإضافة لذلك حارب روبن هود الظلم والطغيان.
مسؤولون يبرّرون أخذهم الرشوة بتوزيعها على المحتاجين
نشر في: 28 إبريل, 2012: 07:22 م