TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة :ثنائية الصنبور والبالوعة

السطور الأخيرة :ثنائية الصنبور والبالوعة

نشر في: 28 إبريل, 2012: 07:55 م

 سلام خياط إذا كان صنبور الماء يضخ ثلاثة ألتار من الماء في الدقيقة الواحدة ، في حوض مساحته متر مربع واحد ، وبالوعة الحوض المفتوحة ، تسرب لترا ونصف اللتر في الدقيقة الواحدة ، فكم من الوقت يلزمنا الانتظار ليمتلئ  الحوض بالماء ؟كانت ساعة عصيبة على طالبة في الدراسة المتوسطة تكره لعبة الأرقام كره العمى، أن تعثر على جواب دقيق. : صرت أضرب أخماسا بأسداس، أستعمل أصابعي في العد  فأخفق ، أقسم اللترات على الدقائق ، والدقائق على الألتار، فأفشل. اضرب الأعداد في مساحة الحوض، أغلق عيني لأرى حوض الماء مملوءا بالماء ، فأعجز.
ما من حل يلوح ، دقائق ساعة الامتحان تتسرب كما الماء في البالوعة، وما من حل . حين يحيق بي العجز من كل جانب ، أرفع يدا مرتعشة ، أسأل معلمة الحساب - كان اسمها أمان - بصوت مرتعش :  ست ، السؤال محير، لماذا لا نغلق بالوعة الحوض بسدادة فلين ليمتلئ الحوض في غضون خمس دقائق ؟تعتريني رجفة مضاعفة، أسمع همهمة، اسمع كركرة ضحك، ويظهر الضيق على قسمات المدرسة الصارمة. وهي تأمرني بإشارة من يدها ونظرة مبهمة من عينيها  أن أخفض ذراعي المرفوع – قالت : حاولي حل السؤال والبالوعة مفتوحة، ووافيني في غرفة المعلمات بعد انتهاء الدرس . يومها ، كانت خشيتي من العقاب والفضيحة  تتجاوز رغبتي بالنجاح ، ما حدث بعد ذاك حكاية طريفة ، عمقت علاقتي الحميمة مع مربية صارمة تبتغي لطالباتها الأحسن . لا أدري لمَ يراودني شبح ( طيف ) ذاك اليوم العصيب كلما سمعت أو قرأت عن البلايين المهدورة في وادي الرافدين ، المتسربة عبر مزاريب المحاصصة وتعدد الولاءآت. تستدرجني الأرقام المعلنة في الهدر . فأعود أقسم وأجمع : إذا كان حوض وادي الرافدين بسعة كذا ألف ألف ألف ميل ، وموارده ( النفطية ) كذا ترليون دولار، وكثافته السكانية  كذا مليون نسمة ، فكم من الجهد والإرادات الجمعية المخلصة النزيهة ، المترفعة عن العصبيات والصغائر نحتاج ليمتلئ حوض وادي الرافدين ، بالثروات ، بالخبرات ، بأعداد الطلبة النابهين والأساتذة العلماء ، بفرص العمل الميسورة ، بالمستشفيات والمدارس المؤهلة بالمصانع عالية الإنتاج والجودة ، بالمزارع النموذجية، البحث عن جواب لائق بتلك المسألة . يسبقه البحث عمن يبادر بشراء أغطية محكمة السد لإغلاق البلاليع ، التي يتسرب منها الماء ، وبدون ذاك الجهد المسؤول المخلص لن يحصل العراقي حتى على جرعة ماء ( حلال ) دون غصة.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram