هاشم العقابيحرصت في اليومين السابقين، على متابعة البرامج السياسية في الفضائيات (العراقية). معظم اللقاءات أو كلها تقريبا كانت تتحدث عن الأزمة السياسية الخانقة التي يمر بها البلد. ورغم ان الأزمات ليست جديدة على العراق، لكن الأزمة الحالية تعتبر من أشدها خنقا. لذا تشهد الساحة العراقية حراكا محموما من قبل السياسيين لحلحلتها.
من بينها حركات "مكوكية" بين دول الخارج، وأخرى "مكوّكة" داخل البلد. ليس صعبا حصر مكونات الأزمة أو أسبابها. فهناك من يشتكي من التهميش. وآخر من ظهور بوادر نزعة الدكتاتورية والتسلط، وحديث صريح من إقليم كردستان حول الانفصال. وطبعا هناك من يعتبر ان كل تلك الأسباب وهمية، فلا تهميش ولا دكتاتورية ولا استحواذ على السلطة. هذه هي المحاور التي انشغلت بها اغلب الفضائيات وتسابقت على استضافة الأطراف المتصارعة فرادى أو جماعات. كان هدفي من تلك المتابعة هو ان اسمع ولو جملة مفيدة واحدة تتوقع نتيجة محددة. الكل يتحدث عن نتائج للقاء مرتقب اصطلح عليه "المؤتمر الوطني". وحين يُسأل احد السياسيين عن توقعاته يجيب وكأنه حل اللغز: إني متفائل. وآخر يجيب: اني متشائم. وثالث يقول: اني لست متشائما ولا متفائلا، بل بين بين. أي ان الرجل "متشائل". هذا عدا مقدمي البرامج الذين تجد احدهم يتكئ مبتسما وكأنه اكتشف ما لم يكتشفه نيوتن، ليسأل ضيفه: أسألك سؤالا (مهما جدا) فاجبني بصراحة، هل انت متفائل ام متشائم؟الذي لا يرفع ضغطك أو نسبة السكر عندك بل قد يجعلك "اتشيل روحك واطبها بالكاع"، هو ان لا احد منهم يقول انه متشائم من ماذا أو متفائل بماذا. فلو سألت اي متابع لكرة القدم عن توقعاته لنتيجة مبارة العراق مع استراليا، مثلا، فسيقول لك ببساطة انه متفائل بفوز العراق أو متشائم بخسارته.الحلول المطروحة الآن مثل "خلالات العبد". فهي اما سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو اعادة الانتخابات أو تشكيل حكومة أغلبية أو ان إقليم كردستان سينفصل عن العراق. فلا تدري هل كان المتفائل يقصد ان الثقة ستنسحب، ام ان الإقليم سينفصل، أم ان حكومة أغلبية ستتشكل؟ كذلك لا تدري قصد الأخ الآخر المتشائم هل لان رئيس مجلس الوزراء باق ام سيرحل؟ وهل سينفصل الاكراد أم لا؟ أما صاحب البين بين، فهذا كما الواقف على التل. فأي نتيجة تأتي ستكون بصالحه. فان سحبت الثقة يستطيع القول لقد كنت متفائلا بأنها ستنسحب. ويمكنه أيضا ان يقول كنت متشائما لاني اعرف بانها ستنسحب. النتيجة هي انني، وبعد يومين من المتابعة المكثفة، وجدت نفسي امام "حزورة" حقيقية، أنستني الأزمة وانشغلت بحلها. واليوم وجدت الحل وطبقته على الفور. هرعت لدش الستلايت فاقتلعته قلعة لا يرى من بعدها الحياة أبدا، فتخلصت من سبب مهم لارتفاع الضغط عندي، كان الطبيب قد عجز عن اكتشافه.
سلاما ياعراق :القوم بين متفائل ومتشائم
نشر في: 28 إبريل, 2012: 08:10 م