احمد المهناعادل إمام يتقلب بين الادانة والبراءة. محكمة قضت بإدانته وسجنه ثلاثة اشهر في دعوى الاساءة الى الاسلام. ومحكمة أخرى ردت دعوى ثانية عن تهمة مماثلة. هل عادل إمام الشخص وحده هو الذي يتقلب اليوم بين السجن وبين الحرية أم أن هناك اشخاصا آخرين ومعاني أخرى هي التي تتقلب معه بين الحالين؟
عندما تكون جالسا في أمان الله، وتأتي قوة أمنية وتنهال أمامك وأمام آخرين بالضرب على شخص نكرة، فماذا سيعني ذلك لك ولبقية المشاهدين؟يعني أن قوات الأمن التي تمثل القانون قد خرقت القانون. فضرب المواطن أكان متهما او مجرما او بريئا هو جناية او جريمة يعاقب عليها القانون. يعني ايضا فقدان المشاهد الشعور بالأمان لأن رجال الأمان ارتكبوا خيانة علنية لواجبهم القاضي بتوفير الأمان. يعني كذلك اهتزاز ثقة المواطن بالقانون، بعدما شاهد بأم عينيه اجرام ممثلي القانون. ويعني شيئا أخطر هو التنكيل العلني بكل من رأى ذلك العدوان.المعنى الأخير هو، بعبارة أخرى، استباحة كرامة الأشخاص الناظرين للمشهد، فهؤلاء سيضطرون للسكوت، ويجبرون على السلبية، بالعين الاهانة المعنوية، تجنبا للعواقب الأكبر. وسيلحق الأذى باحترام هؤلاء النظارة لأنفسهم، لأنهم كانوا عاجزين، ومشلولين، عن اتخاذ موقف ايجابي ما ضد العدوان.ماذا لو كان المضروب، ايها المشاهد، ابنك، ابنتك، زوجتك، أمك، اباك؟ قد يسأل المشاهد نفسه هذا السؤال، اذا شاء تقليب وجوه الحادث. لكنه في الغالب لن يفعل. لن يستغرق، ولن يتعمق في دلالات الاعتداء، خشية الشعور أكثر بإهانة أكبر. اغمض عينيك وكأنك لم تر ولم تحس. هذا "الحل الدفاعي" أكرم. والكرامة، ولو عن طريق الكذب على النفس، خير من الإهانة عن طريق الصدق مع النفس. ولطالما فعل الانسان ذلك حيثما كان أعزل من حماية القانون، وبالتالي ضعيف الحيلة مغلوبا على أمره. ولعل مثل هذا الانسان يمثل أغلبية سكان الجزء المنكوب من الكوكب.ان كل هذه المعاني المرة تنتج عن ثلب كرامة انسان عادي، شخص نكرة، لا نعرفه ولا يعرفنا. مجرد واحد منا، أو واحد مثلنا، الكرامة حقه مثلما هي حق كل من كرم الله وجهه بوصفه انسانا.حسنا ماذا اذا كان المهان هو "زعيم" الفنانين العرب؟أحسب ان القانون الذي حكم بادانة عادل امام لا يختلف نوعا وان اختلف حجما عن عدوان قوات الأمن في المثال السالف،. فمع كل الاحترام للقضاء المصري المعروف بعراقته، فان هذا "الخرق" يمثل تهديدا خطيرا لكرامات الدين والمجتمع وقيم الحرية والإبداع. فضلا عن الزراية بنجم وايقاعه من مرتبة نجم الى هاوية سجن.كلنا يعرف ان ازدراء فن عادل امام هو بالإرهاب المسيء للإسلام وباتخاذ الدين تجارة. الإسلام ليس أمرا هينا تمكن الاساءة اليه، خاصة في بلد يعد التدين فيه فطرة او طبيعة. ان كرامة الإسلام أكبر من أن توضع بمثل هذا الموقع الذي وضعه فيه قرار الإدانة.هذا قرار نكل بالدين، بالمدنية الرديفة لاحترام الفن، وبكل شخص استمتع بفن هذا الرجل من المحيط الى الخليج. وهذا القرار يعيد تذكير العالم العربي تذكيرا مؤلما بأن حرية الفكر، أم كل الحريات، مازالت في بداية الطريق، وان القادم من معاناتها أعظم.
أحاديث شفوية: عادل امام: حكاية طويلة
نشر في: 28 إبريل, 2012: 10:45 م