TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > بين قوسين: سيناريو الديمقراطية!

بين قوسين: سيناريو الديمقراطية!

نشر في: 29 إبريل, 2012: 07:31 م

 سعاد الجزائري ألقى محاضرته عن الديمقراطية وسبل تطبيقها في المجتمعات المتخلفة، وانفعل حماسا حينما تناول موضوع سبل الارتقاء بالمجتمع بنشر الافكار الديمقراطية التي يجب ان تستوعبها الجماهير لتؤمن بها وتمارسها كسلوك يومي، وليس كنظرية تقرأ على الورق.
بعد انتهاء تلك المحاضرة التي ألقيت في احدى جامعات بغداد، خرج مسرعا، ليشارك في برنامج تلفزيوني حواري يتناول قضايا المجتمع والسياسة وما بينهما. جلس مع الضيوف الآخرين الذين مثلّ كل واحد منهم طائفة او دينا او حزبا سياسيا. وعلى الرغم من النظرات الحاقدة بين الضيوف، والضرب تحت الحزام في عبارات تراشقوها بين هذا السؤال وذاك، لكن الجميع أكد وأصر، واقسم الايمان على ان الوطن فوق الجميع، وان مصلحة الشعب فوق مصالحهم العائلية والشخصية. شارك في الحوار بحماسة منقطعة النظير، تحدث عن الوطن والخراب الذي حل به بسبب عدم تفهم الجميع للديمقراطية، ليس كفكر وانما كممارسة، زاحم المذيع وباقي الضيوف في تأكيده على اهمية الوعي المجتمعي لكي نصل الى الديمقراطية. تأثر المشاهدون بانفعاله واعتبروه الأصدق قولا وفعلا بين ضيوف برنامج!بعد انتهاء البرنامج توجه الى عمله، ليقضي ما تبقى من (السويعات)!! في دائرته، وقبل ان يصل بوابتها، رأى من بعيد الازدحام الشديد الذي حوى نساء مغطيات بأسود لبسنه منذ حرب ايران مرورا بانتفاضة آذار، وانتهاء بمفخخات ما بعد 2003، قدمن فيها شهداء من ازواج، اخوان، وابناء انتظرن عرسهم طوال العمر، وتركن بيوتا بسبب صراع طائفي لا يصدقن به، ولم يكن مسببات له لكنهن تحملن نتائجه. مر وسط هذا الحشد من النساء والشيوخ والشباب الباحثين عن أمل في هذه الدائرة، بعدما رفضتهم كل الأبواب والمنافي.انشق صف المراجعين إلى قسمين وكأن عصا موسى اخترقته، فدخل الدائرة تحت حماية الحرس الذي وقف امام الباب، وما ان دخل غرفته حتى جاءه مدير مكتبه، قائلا:-  مرحبا استاذ، جاءك مراجع يقول انه ابن السيد.... ومعه رسالة توصية بتمشية معاملته في أسرع وقت ممكن...!!دخل ابن السيد وعبارات الترحاب تطلق مفردات لا تقل عن: (على راسنا ابوك، احنا بالخدمة وطلباتكم اوامر، لا تشيل أي هم، معاملتك ستنجز قبل ان تنتهي من شرب استكان الشاي....)لقد صدق في قوله فالمعاملة انتهت بسرعة خارقة، لان ابن السيد لا يحتاج الى كل الوثائق التي يطلبونها من خلف تلك الشبابيك، التي لا يرى عبرها الا أيادٍ تحمل فايلات تتضخم يوما بعد اخر، ويصعب ان تصل الى ذلك الوجه الذي يجلس خلف قضبان الشباك، وحينما تصله، لا يتفحص كل الفايل، لكنه جاهز ليقول لك:- ان الاوراق تحتاج الى ترجمة. أو ورقة من حزب أو من طائفة. وفي النهاية يقول لك أوراقك غير كاملة.انتهت معاملة ابن السيد، وبقي أبناء الشعب وبناته مصطفين امام الشبابيك التي تغلق قبل نهاية الدوام بساعة ونصف وربما اكثر، وتفتح صباحا بعد بدء الدوام بساعة ايضا.عاد رجل الديمقراطية الى بيته بعد انتهاء الدوام، جاءت الزوجة مسرعة فصرخ بوجهها غاضبا:- من سمح لكم بذلك؟ ألم اقل لك ممنوع التلفزيون اثناء غيابي عن البيت، ولماذا تجلس بناتك امام هذا الجهاز الذي يعرض كل ما هو فاضح!!. نسي رجلنا انه كان ضيفا على هذا الجهاز الفاضح صباح يومه!أغلق جهاز التلفزيون، وأسدل ستائر بيته كي لا يتفرج الجيران على بناته، ثم جلس بمفرده يتناول وجبة غدائه والى يمينه وقفت الزوجة تحضر له الشاي، بعد انسحاب أبنائه خوفا منه، وحينما انتهى من كل ذلك. جلس بمفرده يستذكر يومه ومقابلاته عن الديمقراطية!!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram