هاشم العقابيلا يثير استغرابي الشديد احد مثل من يلتمس العذر لمن أساء له او لبلده، والمسيء نفسه لا يعتذر. فما من مرة صدر تصريح او سلوك يسيء للعراق والعراقيين من قبل الساسة الإيرانيين الا ووجدنا الإيراني لا يسحب كلامه او يعتذر، بينما نجد اكثر من سياسي عراقي، وغالبا ما يكون من السلطة ومن ائتلاف دولة القانون بالذات، يختلق للإيراني الأعذار والحجج، وكأن الأمر "كظ اخوك لا يطيح". كثيرة هي الأمثلة وآخرها ما حدث خلال زيارة السيد المالكي لإيران وما رافقها من تصرفات وتصريحات إيرانية.
وان كنا قد تطرقنا لحديث السيد رحيمي الواضح والصريح لربط العراق بوحدة تامة مع بلده، لكننا، ولحد الآن، لم نسمع انه اعتذر او دافع عن رأيه. الذي دافع بدلا عنه هو السيد علي الشلاه بقوله ان: "دعوة نائب الرئيس الإيراني الأخيرة لاتحاد تام بين العراق وإيران هي تعبير مجازي". قطعا انه، كشاعر، يعرف معنى التعبير المجازي والذي يعني ببساطة استخدام مفردات او الفاظ يراد بها معنى آخر غير المعنى المباشر الذي تحمله. كقوله تعالى: "واخفض لهما جناح الذل" أو قولنا "خرجت المدينة لاستقبال الضيف". فليس للذل جناح ولا للمدينة أرجل تمشي عليها لاستقبال ضيفها. فاين هي المجازية في "اتحاد تام بين العراق وإيران"؟ والتعابير المجازية فن لغوي غالبا ما يستخدم في الأدب وفي الشعر منه، على وجه الخصوص، ويندر استخدامه في لغة السياسة. فلا ادري هل كان السيد رحيمي يقرأ قصيدة ومر على "الاتحاد التام" في واحد من ابياتها؟ وان كان كذلك، فهل اصبح السيد الشلاه متخصصا بفقه اللغة الفارسية وعلومها وآدبها، ونحن لا ندري، حتى يميز المجاز عن غيره؟ امر بديهي ان نفترض بأن السيد رحيمي كان قد تكلم بلغته الفارسية الام.والتعبير المجازي هو نوع من انواع "الحسجة" بالشعبي، التي من بين معانيها ان تقول شيئا وتقصد به شيئا آخر، كقول مهوال ابن الفرات الاوسط الذي علي الشلاه واحد من ابنائه كما اعتقد: "رد لا تتدهده ابحلك آفة". وقصة هذه "الهوسة" هي ان احدهم هدد بقتل شيخ عشيرة المهوال فحذره من مغبة تفكيره. فكلمة "تتدهده" قد تعني "تدعبل" او "تروح بيها" ولم يقل "رد لا تتحرش". ووصفه شيخه بانه "آفة" قطعا لا يعني أنه ذلك الكائن الوحشي الاسطوري الذي يشبه "السعلوة’". فان قصد ذلك يكون قد اهان الشيخ وهذا امر مستبعد. فالاغلب انه قصد بان شيخه بطل او داهية وهذا هو الأقرب والأبلغ.اظن ان الدهاء، الذي لا بد منه لأي سياسي محترف، قد غاب عن بال السيد الشلاه. فلو تمهل قليلا ولم يتسرع بالتماس العذر والدعاء للسيد رحيمي، ونظر بعين عراقية خالصة لما احاط بتصريحاته من تصرفات، لوجدها صريحة ومباشرة وليست "مجازية". كان عليه ان يتوقف اولا عند غياب العلم العراقي في لقاء السيد المالكي مع رئيس ايران ومرشدها الأعلى. فلو فعل لعرف ان هناك دهاء و "حسجة" ايرانيين يغنيانه كثيرا عن ايجاد الاعذار والمبررات لجارتنا الدهواء.وللحديث تكملة.
سلاما ياعراق : مجاز أم دهاء؟
نشر في: 29 إبريل, 2012: 07:52 م