TOP

جريدة المدى > سينما > الأسطورة العائمة التي غرقت على وقع الموسيقى

الأسطورة العائمة التي غرقت على وقع الموسيقى

نشر في: 29 إبريل, 2012: 07:56 م

سلوى جراح"تايتانيك" السفينة التي قيل عنها في نشرات الدعاية لرحلتها الأولى، إنها السفينة التي لا يمكن إغراقها، السفينة المجهزة بكل وسائل الراحة والرفاهية التي لا تتوفر إلا في فنادق النجوم الخمس، مطاعم فاخرة، مقاهي، مسابح، غرف نوم فخمة لا ينفذ إليها الماء، ملعب رياضي،
مكتبة مجهزة بأحدث الكتب وعيون الأدب، تلغراف "ماركوني" الشهير لاتصالات طاقم السفينة والركاب.  السفينة التايتانيك كانت تستوعب ألفين وخمسمئة وستة وستين راكباً.  سعر أرخص بطاقة في الدرجة الأولى ثلاثة وعشرين جنيهاً أي ما يعادل ألفاً وسبعمئة جنيه بأسعار اليوم، أما بطاقة الدرجة الثانية فكانت بسبعة جنيهات ونصف أي ما يعادل خمسة وثلاثين جنيهاً وسعر أغلى جناح في الدرجة الأولى كان ثمانمئة وسبعين جنيهاً أي حوالي أربعة وستين ألف جنيه بأسعار اليوم.  فالسفينة كانت مصممة للفصل بين الطبقات الاجتماعية وكان على متنها مجموعة من كبار رجال المال والتجارة وأسر ارستقراطية في الدرجة الأولى وعدد من المهاجرين من آيرلندا ودول اسكندنافية من الباحثين عن حياة أفضل في العالم الجديد، في الدرجة الثانية.  لكن التايتانيك رغم كل ما فيها من مغريات، لم تكن تحمل كل طاقتها من الركاب.  فقد أحجم الكثيرون عن السفر على متن السفينة الفخمة في رحلة التدشين بسبب إضراب عمال مناجم الفحم الذي عطل السفر البحري.  بل إن التايتانيك حصلت على ما يكفيها من الفحم لرحلتها لمجرد أن سفناً أخرى من عابرات المحيط الأطلسي أجلت رحلاتها بسبب الإضراب.  في العاشر من شهر أبريل عام 1912 انطلقت السفينة الفخمة التي استغرق بناؤها في ميناء بلفاست في آيرلندا عامين كاملين، في رحلتها الأولى من ميناء ساوثهامتن على الساحل الجنوبي لبريطانيا، وعلى متنها ألفان ومئتان وثلاثة وعشرون راكباً، في طريقها إلى شيربورغ في فرنسا ثم كوب، التي كانت تعرف بكوينز تاون في آيرلندا لتعبر المحيط الأطلسي متوجهة إلى مدينة نيويورك.  كان حدثاً عظيماً في تاريخ السفن التجارية، فالتايتانيك التي استعير اسمها من "التايتانيين" الأقوياء، الأشداء، الذين حكموا في "العصر الذهبي" في الميثولوجيا الإغريقية، كانت أضخم سفينة ركاب تمخر البحار في بداية القرن العشرين، وكانت تشبه أبطال الملاحم الإغريقية.  لكن السفينة العظيمة الفخمة، غرقت بعد أربعة أيام فقط من إبحارها!عرض التلفزيون البريطاني، مؤخراً، بمناسبة مئوية غرق السفينة الشهيرة، العديد من البرامج الوثائقية التي تناولت موضوع غرق السفينة الأسطورة من جوانب عدة تقنية وإنسانية، تفاصيل جمعت على مدى قرن من الزمان، وتعمقت المعلومات حولها مع التطور التكنولوجي الكبير في البحث.  وما ساعد كثيراً في معرفة تفاصيل أكثر عن السفينة الغارقة والألف وخمسمئة وأربعة عشر شخصاً الذين غرقوا معها، هو نجاح الحملة التي قام بها فريق فرنسي - أمريكي للبحث عن حطام "التايتانيك" عام 1985.  إذ كان من الشائع أن التايتانيك هبطت إلى قعر المحيط دون أن تتحطم، لكنهم حين وجدوها بعد سنين من البحث، كانت مقسومة إلى نصفين بينهما خمسمئة متر على عمق اثني عشر ألف قدم وفي نقطة تبعد واحدا وعشرين كيلومتراً عن المكان الذي كان يعتقد أنها غرقت فيه حسب الإشارات اللاسلكية التي بعثت بها في ساعات محنتها.  كما وجدوا حول السفينة الغارقة الكثير من ممتلكات من كانوا عليها وما ضمته أروقتها من نفائس، منتشرة على مساحة أربعين كيلومتراً مربعاً.  الكثير مما عثر عليه حول السفينة الغارقة معروض الآن في متاحف حول العالم خاصة في المتاحف الصغيرة التابعة للفنادق الفخمة في مدينة لاس فيغاس الأميركية.  ركزت الكثير من البحوث التي أجريت على قصة غرق التايتانيك، على موضوع السلامة على متن السفينة التي وصفت بأنها "لا يمكن إغراقها".  فمثلاً عدد قوارب النجاة عليها كان بالكاد يتسع لنصف عدد الركاب، كما كان من المتعارف عليه في حالات الطوارئ هو "النساء والأطفال أولاً" لذا لم يسمح للرجال بركوب زوارق النجاة وهبط العديد منها إلى الماء بنصف حمولته.  بل تبين في ما بعد أنه كان في قوارب النجاة أماكن لخمسمئة شخص لم يشغلها أحد.  النقطة الثانية والمهمة التي تسببت بغرق السفينة هي عدم وجود إضاءة كافية للرؤية لمسافة بعيدة، رغم التحذيرات التي وصلتها عن وجود جبل جليدي متحرك في مياه المحيط قرب خط سيرها، رفض قبطان السفينة إدوارد جون سميث الاستعانة بالصواريخ المضيئة، وحين شاهد برج المراقبة في السفينة قمة الجبل الجليدي حدثت حالة من الرعب وصدرت الأوامر بالاستدارة بدلاً من الارتطام المباشر بمقدمة الباخرة، فمزق الجليد جانب السفينة وفتحه لتتدفق اليها المياه.  يقول الخبراء البحريون إن التايتانيك كانت ستصل إلى نيويورك سالمة بركابها و"أنفها" المجدوع لو لم تستدر.  خلال أقل من ثلاث ساعات غرقت التايتانيك، حيث دفع الماء الذي ملأ نصفها الخلفي بمقدمتها إلى الأعلى لتهوي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram