سرمد الطائيحزمة تصريحات متفائلة جدا بشأن كهرباء الصيف بدأت تقصفني هذه الأيام. والتصريحات لا تصدر من متحدثين حكوميين فحسب بل إن الناس قرب بائع الشاي في منطقتي بدأوا يرددون تلك الجمل المتفائلة. الناس يقولون انهم سمعوا خبرا مفاده ان زيارة رئيس حكومتنا لطهران تكللت بنجاح كهربائي حاسم.
وان ايران "ستزودنا بكمية كبيرة من الميغاواطات وبأسعار مخففة" حتى لو اضطرت الى قطع التيار عن اشقائنا العرب في الاهواز والمحمرة. وستساعد حكومتنا ولاول مرة في توفير 12 ساعة يومية من التبريد للشعب بعد ان كنا لا نحصل الا على 4 ساعات. الاشاعة تقول ايضا ان ايران اكدت للمالكي انها بحاجة كبيرة الى "دعم عراقي" في اكثر من مجال "خاصة نقل العملة الصعبة والتهريب"، ولذلك فهي مستعدة للتنازل عن جزء من كهربائها لنا !وبغض النظر عن النتائج ، أتمنى ان تكون الاشاعة صحيحة، وان تأتي الساعات الباردة بأي ثمن، كي تتقلص فترات "سلق" اطفال البلاد خلال ظهيرة وادي الرافدين. وخلال تحديقي بهذه الاشاعة اقرأ تصريحا لوزير خارجية طهران السيد صالحي يقول فيه "ان محادثات الدول الكبرى في بغداد الشهر القادم ستعني بداية النهاية لملفنا النووي". وهذا اول تصريح من نوعه اسمعه من قادة ايران طيلة اعوام عديدة من متابعتي لأزمتهم مع الغرب.هل يمكن ان تصدق هذه الاحلام وتتحقق مفاجأتان في هذا الصيف ؟ فالمفاجأة الاولى ان تنجح بغداد برغم فشلها في حل اصغر القضايا، في حل معضلة الملف النووي عبر وساطة تاريخية ؟ او ان تقرر ايران انهاء مشكلتها مع الغرب فجأة بعد ان نكلت بها العقوبات على نحو رهيب، وجعلت القدرة الشرائية للمواطن الايراني تنخفض الى النصف خلال 3 شهور كما قال نائب ايراني امس، وان تكون بغداد هي مكان اعلان المفاجأة الايرانية ؟كل شيء ممكن يا ناس. اما المفاجأة الثانية فهي ان تأتينا الكهرباء 12 ساعة برغم كل التشاؤم الذي يحيط بهذا الملف. والحقيقة ان هناك تصريحات من متحدث حكومي نشرتها صحفنا الثلاثاء، تقول ان البلاد تنتظر طفرة رهيبة في الطاقة الواصلة الى المستهلك، مع مطلع تموز اذ سيرتفع انتاجنا وما نشتريه من كهرباء، من 5 الاف ميغا حاليا، الى 9 آلاف، اي بنحو الضعف ! التصريح جاء من طرف السيد فيصل عبد الله وهو مسؤول الاعلام في مكتب السيد حسين الشهرستاني نائب رئيس الحكومة، والمكلف الاول بحل ازمة الطاقة. ولا تملك الا ان تحترم خلق الرجل وشعوره بالمسؤولية، لكن سيرة الاخفاق والوعود غير المتحققة تجعلني ابقى اشك واشك اثناء هذا الحلم الكهربائي البارد، برغم اشاعات جيراني حول الميغاواطات الايرانية المتزامنة مع "بداية النهاية للمشكلة النووية" في بغداد.جزء أساسي من غرابة الوعود الأخيرة أعادني إلى مقال كتبته قبل 6 شهور عن تصريح نادر لرئيس حكومتنا بشأن مشاكل الكهرباء. كان المقال تحت عنوان "5 مشاكل تحول بين المالكي والكهرباء". المالكي قال: مشكلة العراق ليست في توليد الكهرباء، اذ حتى لو كانت لدينا كهرباء كافية، فلن نستطيع نقلها الى المنازل لأن شبكة توزيع الطاقة متهالكة، وكل ما نحتاجه هو 17 مليار دولار لمد شبكة جديدة. وكيف سيتحقق ذلك قبل تموز؟اما المشكلة الثانية فهي ان الشركات المتاحة القادرة على بناء محطاتنا، هي شركات اوروبا الشرقية، لكنهم حسب المالكي "فاسدة ويتعاونون مع فسادنا في الداخل وتنشأ مشاريع وهمية وتخدعنا". ولذلك فالعراق لن يتعامل مع هذه الشركات.المشكلة الثالثة هي ان بديل اوروبا الشرقية هو شركات اميركا والمانيا وكوريا واليابان والتي حاول معها رئيس وزرائنا كي تعمل في العراق، لكنه لم ينجح كثيرا، "لأن تلك الدول منعت شركاتها من العمل في العراق بسبب شيوع العنف والفساد" حسب قوله. اما رابع المشاكل حسب رئيس الوزراء فهي ان الشركات الرصينة "تتعرض للابتزاز واحيانا من قبل اجهزة الرقابة العراقية نفسها".ولا اتذكر الآن المشكلة الخامسة، لكنني اسأل: كيف استطاعت الحكومة تذليل هذه المشاكل خلال 6 شهور، وهل حقا انها ستأتينا بـ9 آلاف ميغاواط مطلع تموز بهذه البساطة ؟ انها اشاعات يتداولها جيراني ونتمنى جميعا، موالاة ومعارضة ان تكون صحيحة، لنحتفل هذا الصيف بالكهرباء وبإنهاء ازمة ايران النووية وبالتصالح بين طهران وواشنطن "ونعيش عيشة سعيدة" !
عالم آخر: إشاعات عن إيران والكهرباء
نشر في: 29 إبريل, 2012: 08:06 م