TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: لا تصدقوا صالح المطلك

العمود الثامن: لا تصدقوا صالح المطلك

نشر في: 29 إبريل, 2012: 08:11 م

 علي حسينما الذي يجعل المواطن يصدق كبار المسؤولين حين يقسمون بأغلظ الأيمان أنهم ضد المحاصصة الطائفية ، وأنهم مصرون على بناء دولة المواطنة وما الذي يجعلنا نصدقهم عندما يقسمون بالأيمان نفسها بأنهم يعارضون كل عمل لا يصب في مصلحة  الناس،  وأنهم على استعداد أن يضحوا بالغالي والنفيس من اجل عيون المواطن.
شخصيا أتمنى أن يصدق هؤلاء في تصريحاتهم حتى لو خابت كل توقعاتي المسبقة بشأن مدى صدقهم أو حتى المحافظة على وعودهم. لكن المشكلة أن السجل الحافل بالخديعة والسوابق الماثلة أمام أعيننا تقول إن معظم مسؤولينا لم يصدقوا يوما من الايام ، وأن كل ممارساتهم وصراعاتهم هي من اجل المنصب وما يتبعه من منافع وامتيازات، خصوصا حينما يتعلق الأمر بالامتيازات الكبرى التي توفرها الحكومة لكل من يسبح بحمد خطواتها التاريخية في ظلم وقهر هذا الشعب.لا تصدقوا دموع سياسيينا التي يذرفونها بمناسبة وبدون مناسبة ، فأكثرهم يريد ركوب الموجة والظهور بمظهر المدافع عن مصالح الجماهير.قبل اشهر خرج علينا صالح المطلك رافعا رايته، مطالبا رئيس الحكومة بتقديم استقالته لأن بقاءه في السلطة سيدمر البلاد والعباد ، وليقول بالحرف الواحد : إن بقاء المالكي في رئاسة الحكومة يساوي تقسيم العراق ، وسيجر البلاد إلى كارثة ، لذلك بدأنا نخشى من هذا الموضوع خشية كبيرة ونطالب باستبداله ، كان هذا في يوم 11/1/2012ولأننا في عصر المناورات والمخاتلات لم يكتف المطلك باستبدال المالكي بل اضاف لمطالبه توابل جديدة حين أعلن في 25/2/2012   انه لن يعتذر :"للمالكي لأن قضية البلد أكبر من مسألة الاعتذار بيني وبينه، وأن القضية التي أثيرت في الإعلام تتعلق بوصفي له دكتاتورا بدأت أساساً على قضية أساسية جوهرية تهم كل العراقيين وهي قضية التوازن الوطني في مؤسسات الدولة فالدولة بنيت بطريقة طائفية وحزبية". ومضت الايام والشهور والمطلك يتحرك هنا وهناك باعتباره نائبا لرئيس الوزراء ، يخاصم هذا احيانا ويصالح ذاك احيانا اخرى حتى استيقظنا على ديك المطلك صباح امس يصدح بلسان فصيح ان :" سحب الثقة من المالكي الآن لن يخدم العملية السياسية".وما بين هذين التاريخين عاش العراقيون فصلا مأساويا راح ضحيته العشرات من الأبرياء لأن "ديوك" السياسة لا يريدون ان يجلسون الى طاولة واحدة. المشكلة الحقيقية التي كشفت عنها تصريحات صالح المطلك تثبت لنا أننا ما زلنا نعيش عصر السياسي الموافق والمعارض في الوقت نفسه، سياسي لا يرغب في أي تغيير من أي نوع، والتغيير بالنسبة له كارثة يجب مواجهتها قبل أن تقع، وأزمة يجب العمل على وأدها وهي في المهد.هذه الأيام نعيش عصر ساسة لا صبر لهم على مواقف الناس ومطالبهم، ولهذا ما إن تسنح الفرصة لهم حتى يرجموا الشعب بأقسى أنواع الحجارة كي يتراجع ويرحل عن فكرته في الإصلاح السياسي، ولا يقترب من أسوار السلطة فهي حكر على من يشغلها ولا يجوز ملامستها أو حتى الدعوة لإعادة تنظيمها، أما التفكير في الإصلاح فهذا هو الكفر بعينه الذي لا يمكن السكوت عليه.كان المسؤولون في زمن "القائد الضرورة" يسعون إلى كسب رضاه عنهم، فيما خسروا رضا الناس لأن الحاكم هو الذي يعينهم ويملك أن يعزلهم بقرار منه، لكن الوضع الآن انقلب فأصبح البعض من القوة بحيث يجبرون المؤسسات والدولة على اختيارهم، متعللين بالطبع بدعم قواهم السياسية للحكومة، أو بموافقتهم على الانخراط بالعملية السياسية والتي يعتبرونها "منة" يمنون بها على الشعب المغلوب على أمره.  أيها المواطنون المساكين ، يا من توهمتم يوما ان بعض السياسيين مستعدين للتخلي عن المنصب من اجل الدفاع عن قضاياكم، لا تصدقوا هذه الكذبة، ولا تثقوا بكل ما يقال لكم.لا تعوّلوا على وعودهم ، لا تصدقوا الشعارات التي يطلقونها كل صباح . أيها العراقيون تفحصوا قسمات المطلك اليوم وهو يبتسم لأن الكرسي لم يذهب لغيره ، وتذكروا كيف أن الرجل نفسه ظل يلاحقنا حتى صباح الامس بوجه مليء بالانفعالات والتشنج وتذكروا دموعه التي كان يذرفها خوفا على مستقبل البلاد، عندها ستدركون حتما  إلى أين يسير بنا "ديوك" هذا الزمن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram