TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > إعادة قراءة الوثائق التأسيسية للفن التشكيلي العراقي:واقعيـــة الكـم..التجربة المتحققة

إعادة قراءة الوثائق التأسيسية للفن التشكيلي العراقي:واقعيـــة الكـم..التجربة المتحققة

نشر في: 29 إبريل, 2012: 08:20 م

خالد خضير الصالحي مدونــات واقعية الكملقد خف دوي الضجة التي أحدثها الرسام محمود صبري حينما نشر بيانه عن واقعية الكم عام 1972، ربما كان ذلك الخفوت بالاهتمام ناتجا من تغير اتجاه الفن وتنظيراته نحو مناطق  بعيدة عن تلك المشكلات التي كانت تثار في سبعينات القرن الماضي، فلم يعد الفنان (مصلحا)
 يحلم بتأسيس يوتوبيا، ولم يعد للايديولوجيا  ذلك البريق الذي كان لها في مجال الفن في ذلك الوقت عندنا في العراق خاصة، إلا ان محمود صبري لم يزل يعيش تلك الأجواء، بذات الإصرار والعنفوان حتى الوقت الحاضر وقد أكمل الثمانين وما  يزال مغتربا في براغ (ولد في بغداد عام 1927)، فجاءت الدعوة التي وجهت إلى عدد من نقاد الفن التشكيلي العراقي لمناقشة واقعية الكم في بغداد مؤخرا، بمثابة إعادة قراءة لواحدة من أهم الوثائق التشكيلية العراقية في الربع الأخير من القرن العشرين.فقد اصدر الرسام  محمود صبري (بيان واقعية الكم.. فن جديد....لعصر جديد)  عام 1972، وقد أفصح البيان ونص الكِتاب والملاحق الملحقة به ليس عن افتراض واحد كما هو شائع ولكن عن افتراضات عديدة أهمها:الفرضية الاولى: إن تطور الفن العالمي ليس "عملية واحدة متصلة.. خطية منفردة" وانه قد مر عبر تاريخه بدورات متتابعة جاءت نتاجا "للأنماط الأساسية لتفاعل الإنسان مع الطبيعة والأشكال الفنية" فقد مرت البشرية بتحولين أساسيين في علاقتها مع الطبيعة، وهي الآن تمر بتحول ثالث وهي : أولا، تحول اللبائن العليا إلى إنسان وصنع الأدوات الحجرية، او عصر الصيد، ويرجع تاريخه إلى ما قبل مليون إلى أربعة ملايين  سنة وبلغت ذروتها في ميدان الإنتاج الفني بفن الكهوف في العصر الباليوليثي، كدورة أولية متميزة في تاريخ الإنسان، كان لها "معداتها المادية والمعنوية" الخاصة بها، ووصلت نهايتها بانتهاء عصر البلايستوسين والفن (الواقعي) لرسوم الكهوف، ثانيا، دورة فنية أخرى هي نشوء الإنسان المنتج باكتشاف الزراعة بلغت ذروتها في طبيعية وواقعية القرن التاسع عشر: الفن الانطباعي والذي شكل سيزان نهايتها من خلال أعماله التي "حققت الصفات الغاليلية الرئيسية والثانوية (الشكل، الموقع في الفضاء، اللون، الخ) كلا مركبا يؤكد مفهوما للموضوع كجسيمة مادية هندسية ذات وجود مستقل عن الوعي الإنساني، وحرر الموضوع الطبيعي – أخيرا – من (جوهره) التقليدي (اللامادي) الذي يمنحه الإنسان له: الأرواح، الآلهة، الأشكال المثالية، القوى الطبيعية، الخ. وبذلك انهارت الثنائية الزراعية، فكان سيزان (نهاية لتقاليد فنية بكاملها – التقاليد الزراعية. غير انه أيضا (بداية) لتقاليد جديدة في الفن – تقاليد علمية لا تعترف إلا بمادية الطبيعة فقط" ،  وثالثا، نشوء الإنسان الخالق التي ابتدأت بتحطيم وتغيير الذرة السايكلترون، وهو المستوى التكنو – نووي. وأن واقعية الكم هي فن الإنسان في العصر الأخير، ويمكن القول إن التطور قد جرى "من (الفن) كتركيب هندسي تجريدي، إلى (الفن) كشكل طبيعي محسوس (موضوع مادي متميز) هو تطور من الجماعية النيوليثية إلى الفردية الرأسمالية.إن تحول القرن العشرين من الشكل إلى التركيب في الفن هو تعبير لتحول جديد آخر – اقتصادي – اجتماعي، من الفردية إلى الجماعية.فخلال جيل واحد تمكن الإنسان من تفليق وتجزئة الذرة والعالم معا. أما الفن فانه جزّأ الشكل إلى تركيب". الفرضية الثانية: "ان الإنسان يشيد في ذهنه صورا او مفاهيم شكلية (كمخططات للعمل) ومن ثم يقوم بتحقيق هذه المخططات في الطبيعة، أي انه يعطي صوره - مفاهيمه الذهنية وجودا موضوعيا"، وبذلك ينتهي محمود صبري إلى نظرية المحاكاة القديمة، فيكون "العمل البشري في النهاية نمطا من التقليد (المحاكاة) لأشكال او تراكيب طبيعية تلعب فيه الصورة الذهنية دور الوسيط كنتاج لعملية التعرف"، وبذلك تختزل واقعية الكم العملية الفنية برؤية ميكانيكية، بوجود "أولا تكوين ذهني، ذاتي (كصورة) لشكل او تركيب مادي موضوعي بغض النظر عما يرتبط به من أوهام، وثانيا إعادة بناء – تجسيد مادي موضوعي للتكوين الذهني، الذاتي" والاستنتاج بان "الإنسان يعمل بالتقليد".الفرضية الثالثة: المفهوم الذي عبر عنه ( انجلز) بقوله ان العالم (كيان من عمليات) وليس (كيانا من أشياء جاهزة)، وان "الطريقة القديمة في البحث والتفكير التي يدعوها هيغل ميتافيزيقية، فضلت تحري الأشياء بكونها... ثابتة وطيدة" بينما جرت "الخطوة الحاسمة الى الامام للانتقال الى التحري المنتظم للتغييرات التي تمر بها الاشياء في الطبيعة نفسها، فحينئذ دقت الساعة الاخيرة للميتافيزيق القديم في ميدان الفلسفة".الفرضية الثالثة: إن مرحلة الفن الزراعي التي انتهت عند سيزان كانت تنظر للموضوع كـ(وجود جسيمي) و(كيان من اشياء جاهزة) وان "التناقض الوهمي هو ان كلا من الفن والعلم خلال العقد الأول من هذا القرن كان يعالج مشكلة متشابهة: تجزئة الجسيمة الموضوع إلى أصولها التركيب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram