حازم مبيضين نجح الظلاميون في مركز الإبداع الفني العربي، في استصدار حكم قضائي بحبس الفنان عادل إمام بتهمة ازدراء الأديان، في أعمال فنية قدمها منذ سنوات، وتمحورت حول الفهم الخاطئ للإسلام، واعتباره مستودعاً للإرهاب، ونتيجة لهذا الحكم يعيش العاملون في الوسط الفني المصري حالة من الرعب،
إذ يتوقعون أن لا تقف الهجمة عند الزعيم، وأنها ستتعداه بظلالها السود لتطال كل مناحي حرية الإبداع في مصر، وهذا ما دعا فناني مصر للوقوف بجانب إمام، رغم اختلافهم معه في الكثير من القضايا، وخوضهم معركة مصيرية مع القوى الظلامية، دفاعاً عن حرية الإبداع، التي دخلت نفقاً مظلماً، وفي سابقة لم يشهدها النظام القضائي المصري.صحيح أن بطل الإرهاب والكباب يستطيع المناورة ليتخلص من السجن الفعلي، ولكن من يضمن في المحروسة اليوم، أن لا يصدر حكم نهائي بحبسه، ما سيدفعه لدخول السجن مع المجرمين والنشالين والبلطجية، أو مغادرة وطنه، كي لا يعيش فعلياً التجربة التي شخصها في العديد من أدواره على الشاشة البيضاء، وإذا كانت التفاصيل القانونية الخاصة بالقضية هي ما يشغل الزعيم، فإن الوسط الفني منشغل بالثغرات القانونية التي تضع المبدعين تحت سيف إرهاب المتشددين، وهو ما يدفعهم لخوض المعركة متحدين، وواعين لخطورة هذه السابقة القضائية. نقف مع المبدعين المصريين في رؤيتهم أن الحكم بحبس إمام هو خروج عن السياق العام الذي تحياه مصر اليوم، واعتداء على حريات كفلتها للإنسان كافة الشرائع السماوية، والدساتير الإنسانية، وأنّ الفنان كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من ضمير الوطن، ونحن معهم في مخاوفهم من أن يكون معنى حبس عادل أمام بسبب أدواره الفنية، هو العودة إلى العصور الوسطى، ذلك أن المحاكم تشهد حالات مماثلة، يمثل فيها الكاتب لينين الرملي، والمخرجين محمد فاضل وشريف عرفة للدفاع عن إبداعهم ضد اتهامهم بازدراء الأديان، من خلال أعمالهم الفنية، ما يعيد إلى الأذهان، تفعيل قانون الحسبة، الذي تمت بموجبه مطاردة المفكر المبدع الراحل نصر حامد أبو زيد، أو سيادة العقلية التي طعن بموجب القناعة بها، الأديب الكبير نجيب محفوظ.ينظر العالم إلى سجن إمام، وهو الممثل الكوميدي الأكثر شعبية، باعتباره جرس إنذار للفنانين والمفكرين الليبراليين المصريين، الذين انتابهم القلق مبكراً من تصاعد نفوذ الإسلام السياسي، وخطر تفرد هذا التيار بالحكم على حرية التعبير، وصناعة السينما المصرية المزدهرة، والغريب أن تهكم إمام على الإرهاب المتستر بالدين، تحول أمام القضاء المصري إلى ازدراء للدين، وكأن الدولة المصرية كانت كافرة، لأنّ الأعمال التي يحاكم عليها إمام، كانت قد حصلت على إجازة من هيئة الرقابة على المصنفات الفنية.الحكم بسجن عادل إمام هو بالتأكيد ضربة موجعة لحرية التعبير، ويفتح الباب أمام فرض نوع جديد من الرقابة على الإبداع، غير ذلك الذي حدده القانون، ويبدو مدهشاً أن من يتصدون لحكم مصر اليوم، يقفزون عن مشاكل العشوائيات والفقر، وغياب الأمن، والتخبط القضائي، للتفرغ لمحاكمة عادل إمام، وعل كل الأحوال نقول للزعيم، ولا يهمك ويا جبل ما يهزك ريح، ونعرف أنك لم تكن فنان النظام، ويعرف الجميع أنك كنت المعبر عن أحلام البسطاء لسنوات، وأنك لامست كثيراً ذروة المعارضة الفنية التقليدية تحت سقف النظام، أما اتهامك بالسخرية من الإسلام فهو ليس أكثر من فهم قاصر، أو مغرض وغير نزيه.وبعد فإن إمام ليس الوحيد الذي انتقد الإسلام السياسي، وسخر من الإرهابيين، لكن الإسلاميين اليوم يسعون لتطبيق المثل المصري القائل (إضرب المربوط يخاف السايب) والفنان عادل إمام بحكم شهرته وشعبيته هو خير من يتلقى الضربة الأولى، وإذا فشل ومعه مناصريه من الفنانين، في إلغاء الحكم في محكمة الاستئناف، فإن قضبان السجن التي ستحد من حريته، ستحدد خيال الكثير من المبدعين.
في الحدث:حبس عادل إمام وعودة طيور الظلام
نشر في: 29 إبريل, 2012: 09:31 م