TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : من هو الوطني؟

سلاما ياعراق : من هو الوطني؟

نشر في: 1 مايو, 2012: 07:10 م

 هاشم العقابياغلب السياسيين العراقيين، وربما كلهم، يكثرون، من استخدام مصطلح "الوطني" لإضفاء صفة ايجابية على ما يتحدثون به أو عنه. الحديث عما يسمى بـ "المؤتمر الوطني" لحل الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق هذه الأيام، مثالا. ولو سألت ايا منهم: ماذا تقصد بمعنى "وطني"؟ فالله وحده يعلم بماذا سيجيبك. لأنك ستجده عندهم مثل "ليلى"، ولا تدري بأي أغنية سيغني على ليلاه.
عندما كنت اخرج على الفضائيات، خاصة في الأشهر التي سبقت سقوط صدام، كان الذين يعارضون إسقاطه عن طريق الاجتياح الأجنبي يصرون على ان رحيله يجب ان يتم بمشروع أو قرار "وطني". اسألهم: ماذا تقصدون بكلمة "وطني" لا يجيبونني بل يشتمون ويعربدون. اذكر مرة ان احدهم سألني: هل حقا انت لا تعرف معنى "وطني"؟ أجبته باني لا اعرف. رد علي باني خائن وعميل اذن! يا اخي أرجوك فهمني. شتم والدي واغلق الهاتف ليقطع الحوار. أكثر من كان يتحدث باسم الوطنية هو صدام حسين نفسه. لم يخل لديه حديث واحد من المرور عليها، ضمنا أو صراحة. كذلك كان يفعل هتلر وموسوليني وغيرهما من الطغاة. فان كانت "الوطنية" تعني حب الوطن، فاترك لكم آثار الحب الذي تركه صدام بالعراق بعد رحيله. وان كان هذا هو الحب، فما الذي سيتركه الكره اذن؟ليس السياسيون وحدهم من يضحكون على الناس باسم الوطنية، بل يشاركهم في ذلك بعض المثقفين، وكثير من عامة الناس. وهذه هي الطامة الكبرى. ففي جلسة ثقافية ضمت عددا من النخب الثقافية العربية تحدثت عن الأغنية العراقية ومراحل تطورها. وحين وصلت الى انتقالتها الجديدة في بداية السبعينيات استشهدت بقول للملحن كوكب حمزة، الذي يعد من الرواد في مجال تجديد الاغنية العراقية، ذكر فيه انه استفاد كثيرا من طريقة اداء المغني الكويتي عوض دوخي الهادئة. لم أكمل حديثي، حتى هاجمني مثقف عراقي من بين الجالسين ممتعضا ومحتجا: كيف تدعي الوطنية وأنت تمدح الكويت وتقول ان هؤلاء يعرفون الغناء؟ اولا انا لم ادع  الوطنية وثانيا هذا كلام لمحترف نقلته فعلى الأقل عاملني بقاعدة "ناقل الكفر ليس بكافر". فالوطني عند هذا المثقف هو من يحتقر الكويت. ومثله كثيرون يرون ان الوطني يجب ان يشتم إيران أيضا، بسبب و بدون سبب، والا فهو عميل ومجوسي وربما صفوي. خائن في كل حال. والغريب ان هؤلاء لا يخفون رفضهم لأفكار صدام وممارساته، لكنهم يفكرون بعقليته ذاتها فيعادون من عاداه ويحبون من أحبه.مر بالعراق زمن طويل كان فيه الوطني هو البعثي. فخائن من ينتقد البعث أو صدام. وقبل يومين فهمت من تصريح لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر ان حزب الدعوة صار يشيع بين الناس واجب الوقوف مع السيد المالكي نصرة للمذهب! وان كان هذا النفس يتصاعد فعلا فمعناه ان الوطني سيصبح من ينصر المذهب ورئيس الحكومة، مثلما كان هو الذي ينصر الحزب والقائد قبل التغيير.لا اقول اننا الوحيدون ابتلينا بهذا الاشتباك والغموض الذي يحيط مصطلح الوطنية واخواتها. فلقد عانت دول الغرب من استعماله كسلاح للكذب على عقول الجماهير من زمن بعيد. وهذا ما دفع الكاتب والشاعر الانكليزي صموئيل جونسون ان يقول كلمة ظلت خالدة في خطاب القاه في العام 1775: "الوطنية هي الملاذ الأخير للأوغاد".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram