محمد صادق جرادحقوق العمال هي إحدى حقوق الإنسان المهمة حيث شهدت دول العالم على مر التاريخ الكثير من الإضرابات والتظاهرات المطالبة بهذه الحقوق وكانت الانطلاقة من استراليا عام 1856 حيث ارتفع صوت الطبقة العاملة لتطالب بحقوقها وتطالب بتوفير ظروف مناسبة للعمال وتوالت بعدها الإضرابات في بولندا وشيكاغو ودول أخرى في العالم ليشكل ضغطا كبيرا على الجميع في إعطاء العمال حقوقهم وتنفيذ مطالبهم المشروعة من خلال انعقاد المؤتمر العمالي العالمي في عام 1890 الذي يعد انطلاقة حقيقية لتحقيق مطالب العمال .
ولقد تعرضت الطبقة العاملة كشريحة مهمة في مجتمعات العالم إلى الكثير من الظلم والتعسف على امتداد تاريخها الطويل الأمر الذي جعل العالم يشهد توترات وثورات كثيرة طالب من خلالها عمال العالم بحقوقهم الضائعة والسعي إلى إنهاء حقبة طويلة من الظلم الاجتماعي .ومن الجدير بالذكر أن الظلم الاجتماعي الذي تتعرض له أي شريحة أو فئة من المجتمع يشكل خطرا على تلك المجتمعات ويهدد السلم الدولي لأن الظلم لطالما أدى إلى ثورات وانتفاضات قد تصل إلى درجة الحروب الداخلية ،ومن اجل هذا سعت المنظمات الدولية والمجتمع الدولي بصورة عامة إلى سن القوانين والاتفاقيات التي تهدف إلى نشر العدالة الاجتماعية خدمة للسلام في العالم . ومن جانب آخر لابد من الإشارة إلى حقيقة مهمة للغاية وهي أن نجاح التنمية الاقتصادية في أي دولة لا يعني بالضرورة التقدم في نشر العدالة الاجتماعية حيث تسعى بعض الدول والحكومات إلى التقدم الاقتصادي والنمو السريع على حساب حقوق الطبقة العاملة وعلى حساب التقدم والرفاه الاجتماعي ليكون العمال هم الضحية الأولى عندما لا يحصلون على مقومات العيش الكريم وعندما تغيب المساندة النقابية والمهنية لهم ليعملوا ساعات طويلة ويقدموا جهدا كبيرا مقابل اجر بسيط وبدون ضمان اجتماعي لهم ولمستقبل عائلاتهم , ولذلك لابد من إيجاد توازن بين التقدم الاقتصادي والتقدم الاجتماعي لضمان عدالة اجتماعية تضمن السلم العالمي .من اجل كل هذا كان لابد من وضع القوانين الدولية وتطويرها من اجل حماية هذه الطبقة المظلومة من خلال وضع المعايير في مجال حقوق العمال ليضع سقفا قانونيا للقوانين الوطنية الخاصة بحقوق العمال بحيث لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع كحظر الاستغلال وعمل الأطفال ورفع الأجور بما يتناسب مع مستوى المعيشة وتحسين ظروف العمل بما يضمن كرامة العامل إضافة إلى ضرورة ضمان مستقبل تقاعدي مناسب . ومن أهم المنظمات التي تعنى بحقوق العمال منظمة العمل الدولية التي تم تأسيسها سنة 1919 حسب معاهدة فيرساي للسلام و أصبحت في ما بعد سنة 1946 منظمة خاصة للأمم المتحدة و مقرها الرئيسي هو جنيف و عدد أعضائها حاليا هو 178 دولة أو أكثر وهي تعتمد بصورة رئيسية على التنسيق والحوار بين جميع الأطراف المعنية كالنقابات و ممثلي أرباب العمل والحكومات.و تنجز منظمة العمل الدولية عملا عظيما في مجال رفع الوعي لصالح حماية حقوق العمال لدى الأطراف كافة ووضع الخطوط العريضة لحماية هذه الحقوق يجب على الدول أن تهتدي بها عند صياغة قوانين العمل الوطنية.ويمكننا تلخيص أهداف و صلاحيات منظمة العمل الدولية بوضع وتحقيق المبادئ الأساسية لحقوق العمال والسعي لإيجاد فرص عمل مناسبة للرجال والنساء تضمن لهم دخلا مناسبا بالإضافة إلى هدف مهم للغاية وهو دعم وتوسيع نظام الحماية الاجتماعية كالتامين الصحي والاجتماعي وتشجيع وتقوية مبدأ الحوار بين الأطراف الرئيسية الثلاثة أي النقابات و الدولة و ممثلي أرباب العمل. ما يجب أن نقوله هنا اليوم انه وبعد تحقيق مرحلة التغيير في العراق لابد لنا من التأسيس للنقابات المهنية الحقيقية التي تدافع عن حقوق العمال أو الموظفين لمواكبة القوانين الدولية والتفاعل معها من اجل أن نضمن للطبقة العاملة في العراق أفضل الظروف التي نصت عليها القوانين الدولية وأقرها المجتمع الدولي .
العمّال وحقوق الإنسان
نشر في: 1 مايو, 2012: 07:12 م