عباس الغالبيلعل من النتائج الحتمية المتوقعة للاستثمار النشيط والفاعل هي القدرة على امتصاص البطالة عن طريق توفير فرص العمل المختلفة ، ما يجعل العمالة عنصراً اساسياً من عناصر نجاح الاستثمار ، خاصة إذا ما عرفنا ان العراق مقبل على حركة استثمارية هائلة تستوعب وتتطلب أيدياً عاملة كبيرة .
وبغض النظر عن فرص العمل المطلوبة لكل مشروع استثماري بعينه ، فإن ما يسمى بالعمالة الماهرة تمتلك النصيب الوافر من فرص العمل ، كما هي الركن المعول عليه كثيراً في منح الزخم الكافي للمشاريع الاستثمارية ، وهي المحور الذي يستند عليه أي مشروع في مراحله وحلقاته كافة .ومع اطلالة ذكرى عيد العمال العالمي يحدوناً الامل لأن تأخذ الطبقة العاملة قسطاً من استحقاقها الحقيقي عبر الاستثمار ، وهي التي تعرضت للحيف والظلم وعدم الانصاف عبر أزمنة نضالها العتيد منذ مذبحة هاي ماركت بولاية شيكاغو عام 1886 ولحد الآن ، على الرغم من مطالباتها وتضحياتها المقدمة على مر الدهور ، ما يجعل الضرورة ملحة الآن لاغتنام فرصة الاستثمار المتوقعة في العراق وتوجيهها باتجاه نيل العمال جزءا من استحقاقاتهم ومساهمتهم الفاعلة في بناء واعمار بلدهم في مسارين متوازيين ومترافقين هما الاستحقاق الوطني مع مثيله الاقتصادي .وحيث ان الاستثمار حاله حال القطاعات الاقتصادية الاخرى عانى من الاختلال والارتباك والضعف لاسباب شتى كنا قد تعرضنا لها باسهاب في مقالات واعمدة سابقة ، عانت العمالة كتحصيل حاصل وكنتيجة طبيعية الانتكاسة بعدم وجود فرص عمل وانحسار دورها في ظل بيئة تشريعية قديمة ما زالت نافذة تتعلق بالعمل وتنظيمه وتوجهاته ، لم تجرؤ كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية على ايجاد بيئة قانونية مثلى داعمة للطبقة العاملة في ظل التجربة السياسية والديمقراطية الجديدة في العراق بعد عام 2003 .وهكذا فإن ارتباط الاستثمار بالعمالة والعمل يكاد يكون ارتباطا وثيقا لا يمكن انفصامه تحت ظرف ما ، أو متغير ما ، لأن العمل والعمالة تعطي ديناميكية وتواصلا وزخما للاستثمار كفكر ، وكرؤية اقتصادية ، وكمشروع على ارض الواقع ، كما تخلق بالمحصلة النهائية حركية وديناميكية في المشهد الاقتصادي بشكله الاوسع والاشمل .ففي الوقت الذي نتطلع فيه الى استثمار فاعل محرك لعجلة الانتاج المعطلة وللقطاعات كافة في الاقتصاد ، فإننا نرقب بذات الحماسة عمالة نشيطة كانعكاس طبيعي لدورة الاقتصاد التي تتطلب المزيد من الجهد في المجال الاستثماري تساوقاً مع الحاجة الفعلية والاولويات التي وضعتها المؤسسات الحكومية ومثيلاتها في القطاع الخاص.
اقتصاديات: الاستثمار. . والعمال !
نشر في: 1 مايو, 2012: 07:33 م