علي حسينكان السذج أمثالي يتصوّرون أن الحزب الشيوعي العراقي هو حزب الطبقة العاملة، وكنت واهما أن الأول من أيار هو عيد لكل عمال العالم ومنهم بالطبع العراقيون، حتى قرأت تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي أمس والتي اعتبر فيها التظاهر ورفع اللافتات في مثل هذا اليوم إساءة لقيمة العمل، محذرا من أن هذه الاحتفالات لن تساعد العمال على تحسين ظروف عيشهم.إذن بعد خطاب السيد المالكي، مطلوب من الشيوعيين أن يصمتوا ويكتفوا بمتعة مشاهدة رئيس الوزراء وهو يتجول في احد المصانع في يوم يفترض انه عطله رسمية،
لكن يبدو ان اضاعة دقيقة في سبيل الحفاظ على السلطة هو إضاعة لفرصة لن تعوض من الامتيازات والمكاسب،اما الشيوعيون ومن لف لفهم فهم اليوم أصحاب النصيب الاكبر من السخط الجماهيري، فاحتفالاتهم بعيد العمال وبثورة 14 تموز هي سبب التدهور في الاقتصاد العراقي، وغياب الخدمات والبطالة و ازدياد مؤشرات التضخم، وصعود الدولار والاهم أنهم سبب غياب الكهرباء عن بيوت العراقيين وتفشي الفساد وسرقة المال العام وضعف الأداء في مجال التعليم والصحة، ففي كل يوم نجدهم يقطعون الطرق لزيارة قبر مؤسس حزبهم "فهد"، وفي كل مناسبة يعطلون الحياة لأيام.. كما ان تظاهراتهم المساندة لتفشي الطائفية والانتهازية السياسية، فضلا عن أن وزرائهم الذين هربوا المليارات وسرقوا أموال الحصة التموينية، وبعد هذا كله يخرجون في الأول من أيار لينالوا من رموز البلد وصانعي الزلازل العراقي الذي هز المنطقة واسقط دكتاتورية صدام. لو نظرنا للسياق التاريخي الذي أطلقت فيها تصريحات المالكي، لاستطعنا أن نفهم أكثر خفايا حرب الانتخابات القادمة، ولأدركنا أن البعض يريد الحصول على مزايا استثنائية تتيح له أن يتمتع بالدولة على اعتبارها غنيمة، بما يلغي الحدود بين مؤسسات الدولة وبين الأحزاب الحاكمة، ولأدركنا لماذا تستفحل فوبيا الشيوعيين كلما أقدموا على الحديث عن المحاصصة الطائفية والفساد وغياب مؤسسات الدولة وكلما كان صوتهم عاليا وواضحا في رفض أن يكون رئيس الوزراء أبا لكل السلطات، وممسكا بكل الخيوط.خطبة المالكي أمس تعيد الأجواء إلى ما قبل 2003، حيث يعاود مؤشر الانزعاج والتململ من الشيوعيين، وحيث يتم نصب منصات الهجوم عليهم من كل جانب، ولعلنا لا ننسى المقولات التي كانت تتردد ومازالت ضد الشيوعيين باعتبارهم علمانيين وإنهم ينفذون أجندة خارجية، وإنهم غير قادرين على التأثر بالناس، إلى آخر هذه السلسلة من الأباطيل والأوهام التي سقطت يوم 25 شباط، وأدرك المختلفون معهم قبل مؤيديهم أن الشيوعيين يأتون في طليعة صانعي الاحتجاجات ضد الفساد والطائفية والإرهاب السياسي من خلال وجودهم بين قطاعات الشباب والعمال والفقراء الذين فاجأوا العالم كله.عادي تماما أن يحاول البعض ايهام الناس بان السكوت على الفساد وأخواته هو الطريق إلى الجنة، وان الاصطفاف في جيش الدفاع عن الحكومة هو الطريق للحصول على المكاسب والمغانم، وعادي جدا عندما يستخدم المالكي كلمات مثل العمل والإنتاج في وقت نشهد غيابا حقيقيا لأي مشروع صناعي أو زراعي استراتيجي في البلاد، وعادي جدا ان يتحول الحديث عن المستقبل إلى علامة تجارية، في وقت نستورد حتى البصل. إن أشياء عدة حدثت وتحدث لا يمكن تجاهلها، منها أن استهداف الخصوم السياسيين بلغ أشده في الفترة الأخيرة، حيث لا تزال الحملة على الشباب مستمرة، بحديث أجوف ومكرر وممل عن التخريب وتنفيذ أجندة أجنبية، إلى آخر هذا الهراء. لكن الأخطر هو أن نجد رغبة لدى البعض الأطراف في تشويه وتسفيه احتفال الأول من أيار كدلالة وطنية ارتبطت بوجدان العراقيين، من خلال النفخ في قصص وهمية عن ضرورة بناء الوطن ودولة القانون والمواطنة وهي كلمات فقدت اليوم معانيها ولا ينفع معها كل التوابل التي يحاول البعض إضافتها إلى العملية السياسية للأسف ينسى السيد المالكي أن في كل الحروب ضد الشيوعيين ودعاة الدولة المدنية، انهزم "الشتامون" والقتلة والمفسدين وانتصرت إرادة محبي الوطن ولسوف تنتصر.
العمود الثامن :المالكي و "فوبيا" الشيوعيين
نشر في: 1 مايو, 2012: 10:53 م