نجاح الجبيلي"Las Hurdes" ( أرض بلا خبز أو الأرض اللاموعودة) هو فيلم وثائقي صنعه المخرج الأسباني الكبير لويس بونويل (1900- 1983) عام 1932 ويدور حول سكان قرية معزولة في شمال غرب أسبانيا وبعد مرور 80 سنة على صنع الفيلم قام المخرج الوثائقي رامون غيلنغ بزيارة القرية وأخذ رأي السكان بالفيلم...
"لقد تاجر بالتاريخ وزيّفه بشكل مخز ٍ .. فيلمه بأكمله كذبة كبيرة.. كان في منتهى القسوة حيّن وصفنا بشكل مزر ٍ بتلك الطريقة. اعتقد أنه فيلم تافه".تلك هي قلة من ردود الأفعال الأكثر اعتدالاً من السكان الحاليين لمنطقة ".." وهي قرية نائية في شمال أسبانيا تجاه الفيلم الوثائقي الذي صنعه لويس بونويل في قريتهم عام 1932. يرسم فيلم "أرض بلا خبز" عالماً من الفقر والمرض وتلتقط كاميرا بونويل صوراً عن النساء المصابات بتضخم الغدة الدرقية والشيوخ المتلفين والأطفال الميتين والأقزام المشوهين والمعاقين. ويظهر الفيلم منطقة دون خدمات رئيسية مثل الطرق والكهرباء. إن معظم الأوردانويين، كما يزعم بونويل في الفيلم، لم يروا قطعة من الخبز. وقد قام مخرج الأفلام الوثائقية رامون غيلنغ بتعقب خطوات أقدام بونويل إلى لاس أوردوس" وكانت خطته في عرض فيلم "أرض بلا خبز" في إحدى قرى المنطقة وأخذ رأي سكان المنطقة حول الفيلم الذي أصبح رمزاً لها. وما أن وصل المخرج إلى هناك حتى تلقى تهديدات بالقتل. يتذكر غيلنغ قائلاً:"رجعت إلى هناك بقنبلة تحت ذراعي ولم أعرف فيما إذا كانت ستنفجر أم لا. بعض الناس رحبوا بي وقالوا : رجاء صف منطقتنا بشكل جميل وإيجابي. لكن معظمهم كانوا يحملون الشك وأخبروني: لا تحاول أن تصنع مثلما فعل بونويل وإلا قتلناك".إن عدم ثقة الأوردانويين خفت حين أدركوا أن غيلنع لا يحاول أن يوجه إليهم اللوم. يقول:" كنت شغوفاً ببونويل لكني أستطيع أن أفهم الناس الذين ما زالوا غاضبين على الفيلم. وفي فيلمي استطاع ناس المنطقة نفسها أن يعبروا في الواقع عما كان في أحاسيسهم".كان غيلنغ خائفاً من الكيفية التي كان يظهر بها الشباب والشيوخ على حد سواء من الأوردانويين غاضبين من فيلم "أرض بلا خبز". وبعد مرور سبعين سنة كانوا ما زالوا تلفهم الحسرة سواء رأوا الفيلم أم لم يروه. ولديهم السبب الكافي كي يكونوا مستائين. فقد قدم فيلم بونويل الوثائقي للجمهور كثيراً. انظر عن كثب للمشهد المشهور الذي يصور السخلة المرتعشة وهي تموت وسترى نفثة من الدخان عند يمين الكادر. ويزعم بونويل أن جبال "لاس أوردس" كانت خطرة جداً إذ أنه حتى الماعز لا يستطيع أن يقهرها لكن حين فشل حيوان ما في السقوط من الجرف بنفسه ساعده بواسطة بندقية.وكان مشهد الحمار الذي يهاجمه النحل ويغرز أبره فيه حتى الموت مثار جدل أيضاَ. ويزعم أحد السكان أن صانعي الفيلم مسحوا جلد حمار مريض بالعسل ثم ضربوا خلايا النحل المحمل بها على جانبيه. أما بالنسبة للطفلة الميتة فإن الشك يدور فيما إذا هي نائمة فقط. ورغم كل تحريفات الفيلم فإن غيلنغ مقتنع بأن "أرض بلا خبز" له تأثير إيجابي على حياة سكان"لاس أورداس". جرى صنع فيلم "أرض بلا خبز" في فترة الحكم الجمهوري في أسبانيا التي تشهد أثناء ذلك فترة من التقدم. وكان السياسيون من اليساريين مستاءين منه في عام 1932 كما هو شأن الفاشيين في السنوات اللاحقة .يقول جون هوبويل رئيس مكتب مجلة "فاريتي" في أسبانيا ومؤلف كتاب" السينما الأسبانية بعد فرانكو":" لقد أصيبوا بالاستياء منه لأنه صُوّر في الوقت الذي حاولوا فيه أن يؤسسوا المجاري الصحية لـ"لاس أوردس" كان الفيلم من بعض النواحي سريالياً وثائقياً إذ أن مجازه درامي ومدروس".ينظر إلى فيلم "أرض بلا خبز" كونه الجزء الثالث من الثلاثية السريالية الكبيرة التي بدأها بــ" كلب أندلسي" - 1928 بالتعاون مع سلفادور دالي و"العصر الذهبي"- 1930. وخلافاً لشريكه السابق كان بونويل يمتلك وعياً اجتماعياً. وفي عام 1932 انفصل عن جماعته السريالية والتحق بالحزب الشيوعي الأسباني.وفي أثناء ذلك قرأ كتاباً عن "لاس أوردس" كتبه مدير المعهد الفرنسي في مدريد. وكما أخبر كاتب سيرته كان مفتوناً جداً بفكرة الأرض الخراب الجبلية التي أهملها القرن العشرين. وجاء تمويل الفيلم الوثائقي من صديقه الفوضوي "رامون أثين" الذي وعد بإنتاج الفيلم إذا ما فاز باليانصيب. كتب بونويل:" بعد شهرين فاز باليانصيب ونفذ وعده".وسرعان ما نفدت الميزانية على منضدة بمطبخه في مدريد. ووصل الفيلم إلى بريطانيا عام 1937 وقام بمراجعته الروائي "غراهام غرين" في مجلة "نايت أند دي" المختصة بالفنون ووصفه كونه "فيلماً صادقاً يصف البشاعة ".وبغض النظر عن آراء سكان "لاس أوردس" الذي التقاهم غيلنغ حول الفيلم كان الفيلم في منتهى الصدق. يقول "هوبويل" :" لقد صوره بونويل تقريباً من المشاهد الواردة في
هل زيّف بونويل الواقع في فيلم "أرض بلا خبز"؟
نشر في: 2 مايو, 2012: 06:55 م
جميع التعليقات 1
أحمد ساز
هذا فيلم وثائقي ، اين يمكن ان يكون التزوير والافتراء ، والمشاهد تتكلم عن نفسها ، وليست في حاجة الى سيناريو ولا حوار، ،