سلام خياطلم تقم الحضارات العملاقة قرب منابع النفط او منافذ الغاز "مقولة قديمة" بل قامت على ضفاف الأنهار، التي أترعت العقول الخلاقة السارحة حول الشطآن والترع والمتوطنة قرب منابع ومساقط المياه "مقولة أقدم".
هذه مقدمة معادة، أوردها مرارا وتكرارا.. غصبا جبرا. لتأكيد النداءات المخلصة التي تصاعدت لتبني مبادرة جادة، إقليمية ودولية لإنقاذ دجلة من الغرق، لكنها – يا للحسرة - أخذتها رياح الصراع الدائر، وتسربت تسرب الماء من غربال.من يتسنى له السير بمحاذاة دجلة ببغداد أو أية مدينة يمر بها النهر الغريق، ويكون به رمق من حمية ومن شهامة وغيرة ستعتريه غمة من يرى عزيزا له يحتضر بسبب العطش، وغدر ذوي القربى.الجزرات الطينية احتلت مساحات واسعة من بطن النهر، والشواطئ الغرينية الخصبة، التي كانت تستأجر كجوادر يؤمها الناس عندما ينحسر الشتاء غدت مكبا للنفايات، الذين يمرون بها من البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة، لا يأبهون لمرآها بعد اعتياد رؤيتها. والذين لهم الحول والقوة، وبأيديهم الحل والربط، يمرقون بسياراتهم المظللة مروق سهم منطلق، لا يبالون.من تراه يسمع أنين دجلة عندما يرخي المساء سدوله؟ من يهب لنجدتها نافضا عن عاهله غبار الطائفية وأدران التكتل والتعصب ووشل المغانم؟ من يصغي لنداء دجلة عند انبثاق الفجر: أيها القيمون على شؤون العراق، أنا أمانة في أعناقكم، أستحلفكم بحليب أمهاتكم، بأعراض بناتكم، أستحلفكم بالكراسي الهزازة والمناصب المهزوزة، بالرواتب الضخمة والامتيازات الفخمة، بالجوازات الدبلوماسية، والأجنبية، أستحلفكم بالحسين المظلوم والحسن المسموم، أستحلفكم بورع أمير المؤمنين علي الذي باسمه تلهجون، أستحلفكم بالكعبة وقبر النبي، أستحلفكم وأعوذ بكم من الشيطان، ومن اللاة والعزى، يا أنتم، معارضة وموالاة، على سدة الحكم وخارجها، انبذوا صراعاتكم – أو أجلوها – وافعلوا شيئا لإنقاذ دجلة قبل أن يفوت الأوان.إن قطع المياه عن دجلة وروافدها – او تقنينها – من قبل دول المنبع يعتبر من جرائم الإبادة الجماعية في القوانين الدولية السارية.. قبل أشهر، مر الاحتفاء بيوم المياه العالمي، ونشرت تقارير رسمية معتمدة أن جفاف دجلة سيحل عام 2040.بعدها تسرب الخبر لينام في الأدراج، عجز العراق عن تفعيل القرارات الدولية بشأن حق العراق بالماء، فقضية الماء لا تقبل المساومة ولا تحتمل التأجيل، سيادة البلد وحضوره الفاعل في المحافل الدولية هو الرادع الأمثل في انتزاع الحق وليس طلبه استجداء أو منة.لو استمر التجاهل من دولتي المنبع والمصب، فلتؤلف لجنة من الخبراء والاختصاصيين – وهم كثرة – والسعي لدعوة المنظمات الإنسانية الدولية لزيارة العراق زيارة عاجلة، للاطلاع الميداني ورفع تقرير ضاف لمن يهمهم الأمر عبر المنظمات والهيئات القضائية، ولو أن العاجز وحده يريد شهودا!
السطور الأخيرة: لديكم نفط؟ اشربوه!
نشر في: 2 مايو, 2012: 08:17 م