علاء حسن للمخرج الراحل قاسم محمد مسرحية قدمها في عقد السبعينات على خشبة مسرح بغداد باسم "نفوس " معدة عن مسرحية الكاتب مكسيم غوركي، أحداثها تدور في مكان واحد، وبزمن محدد بانتظار وصول موظف "النفوس" لإملاء استمارات التعداد العام للسكان.
وببراعته المعروفة، استطاع المخرج الراحل أن يسلط الضوء على نماذج اجتماعية، كاشفا عن معتقداتها الفكرية والسياسية وتوجهاتها، وهي فكرة المسرحية الأصلية ثم تنتهي أحداث المسرحية بإطلاق صرخة من موظف التعداد السكاني فيصيح بأعلى صوته "نفوووووووس".الدولة العراقية منذ تأسيسها اعتمدت إجراء التعداد العام للسكان كل عشر سنوات، وأشهر تعداد هو الذي جرى في العام 1957، وفيه اشترك معظم العراقيين في يوم ميلاد "واحد سبعة" بالنسبة لمن يجهل أهله تاريخ مولده، وعلى الرغم مما يحمل تاريخ "واحد سبعة" من طرافة بنظر الآخرين من غير العراقيين إلا انه، قد يكون عامل إلغاء لفوارق طائفية أو مذهبية، ولاسيما أن هذا التاريخ، يمكن أن يعبر عن احتفال جماعي بعيد الميلاد على صفحات التواصل الاجتماعي وربما داخل التنظيمات السياسية الحريصة على الاحتفال بأعياد ميلاد زعمائها وقادتها من مواليد ذلك اليوم الذي فرض بشكل إجراء رسمي قوبل بموافقة وتشجيع من يجهل تاريخ ميلاده باليوم والشهر.يبدو أن الأحزاب والقوى السياسية المؤمنة بقادتها، تعرف أكذوبة تاريخ ولادتهم، فتخلت عن فكرة الاحتفاء، وهذا التوجه يحسب لها، لأنه موقف ثوري لرفض الشخصنة وصناعة الرموز، وجعلها تتصدر واجهة المشهد سواء عن استحقاق واستجابة لرغبة الجماهير أم عن قناعة بأن الحزب الفلاني ضد الصنمية، ولا يرغب في أن يعتمد أكذوبة لغرض الترويج لزعيم ولد في يوم مجهول.حتى الآن لم تستطع الحكومة العراقية إجراء تعداد عام للسكان، لأن مثل هذه الخطوة كما أعلنت جهات رسمية، بحاجة إلى توافق سياسي، أي جلوس القادة السياسيين ورؤساء الكتل النيابية، على طاولة مستديرة أو مستطيلة، ليقرروا إجراء الإحصاء في يوم محدد في جميع المحافظات، وإعطاء الضوء الأخضر للأجهزة المعنية للمباشرة بتنفيذ عملية مهمة جدا ترتبط بقضايا سياسية واقتصادية تتعلق بتحقيق التنمية البشرية، والنتائج المستخلصة من الإحصاء سبق أن أعلنتها وزارة التخطيط، ودعت وناشدت وطالبت حتى بح صوتها من كثرة مطالبتها بتحقيق توافق سياسي، لإجراء الإحصاء السكاني.يقال إن اعتماد البيانات الدقيقة هو المنهج الوحيد لكي تقوم المؤسسات المعنية بأداء عملها، وهذا المبدأ لا يختلف عليه القادة السياسيون سواء كانوا من مواليد" واحد سبعة "أو غيره، وحينما تعلن منظمات دولية أعداد الأرامل والأيتام والمهجرين والمهاجرين، والمعتقلين، وضحايا العنف ترتفع الأصوات المعارضة، وتشكك بدقة البيانات والأرقام، وتدعو إلى اعتماد الإحصاءات الرسمية، وأصحاب هذه الأصوات يعلمون قبل غيرهم أن البيانات الوحيدة في العراق تعتمد على معلومات وزارة التجارة، لأنها تحتفظ بأعداد المستفيدين من البطاقة التموينية، وأية بيانات أخرى هي عبارة عن كتابة على "قالب الثلج" وردت في سجلات دبش.
نص ردن: نفوس
نشر في: 2 مايو, 2012: 08:21 م