TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : طلعوا دغش

سلاما ياعراق : طلعوا دغش

نشر في: 4 مايو, 2012: 07:38 م

 هاشم العقابيفي أول لقاء لي مع الشاعر الشعبي المصري عبد الرحمن الأبنودي في بيته قبل نحو عشر سنوات، فاجأني بسؤال: أتعرف ما هو سر تفوق شعركم الشعبي على شعرنا؟ سألته قبل أن أجيب عن سؤاله: وهل نحن حقا متفوقون؟ قال لي بلغة المتأكد والواثق من كلامه: نعم.
 أوضحت له بأني، وإن كنت لا أميل إلى تصنيفات "التفوق" في الشعر، لكني أظن أن الشعر اللبناني العامي هو الأجمل. رد علي: حتى وان كان كذلك، لكن في شعركم حرارة ووجع من نوع لا تجيدونه إلا انتم. ثم قرأ علي:يا ريل طلعوا دغش والعشك جذابي  دك بيّه كل العمر ما يطفه عطابي  نتوالف ويه الدرب، وترابك ترابي قرأها بلهجة عراقية جنوبية خالصة، ثم قال لي: لم أجد صورة تجسد  معنى "الدغش" مثل هذه في كل ما قرأت وسمعت من شعر. فهمت ما أراد، فغنينا "الريل وحمد" معا.تذكرت ذلك اللقاء فأبحرت في الكثير من أغانينا وأشعارنا الشعبية، ومررت بمعاناتنا التي لا تنتهي. استعرضت عيون عراقيات تدمع. وشباب وشابات يتسكعون ما بين الدوائر والمؤسسات بحثا عن فرصة عمل أو لقمة عيش طاهرة. يسمعون السياسيين المتوردة خدودهم بخير "التغيير الجديد". هؤلاء الذين وعدوهم بجنة بعد رحيل صدام، فصارت الجنة بالمنطقة الخضراء. طلعوا دغش.تذكرت جاري الذي باع كل ما لديه واقترض من هذا وذاك ليخرج إخوته من جحيم الحصار والحروب في أيام صدام.  اخرج الأول، الذي تأسلم، بعد وصوله أوروبا، فجأة فصار يحرم حتى السلام عليه. لم يتب بل جاء بأخيه الثاني الذي كان معوقا، فاصطف مع المتأسلم ضده. الحجة: انك أخرجتنا من عراق "الخير" ورميتنا ببريطانيا بلد الضيم والظلايم! يقول هذا والمعوق يقولها متكئا خلف مقود سيارة آخر موديل أعطتها له بريطانيا. صار جاري لا يعرف ما يقول غير أني كلما وجدته يقرأ علي:غير ايكون وحده، اثنين،  وتصير عبره واعتبر واصحى الزمانيغير ايكون اكوم احسن التدبير، وخلّي هاي ترجيه بذانيغير ايكون عندي ايصير تفكير واعي واحذر امن اللي جوانيوارد عليه: ها؟ هم طلعوا دغش؟مشتاق جدا  إلى أن أعود إلى الأبنودي لأقول له إنك كنت على حق، ولكن ...سنظل "بطرك" الشعر. وسنظل نجلد ذواتنا ونعزيها لأن من ظننا به خيرا قد خذلنا. لقد أصبحنا مثل جاري الذي يرثي نفسه تارة ويعنفها تارة أخرى. أي عراقي تقول له هذا البيت، اليوم، ولا يصرخ إي والله؟الهه وتغمج بيه  روحي احفرت بيرحفرته وطاحت بيه وياهه بالجيرومن منا لم يجد نفسه يدمدم يوما؟للعكرب اتعنيت  بيدي الزمتها حيل وبعد وياي  هاي الردتهاوكم عراقية لا تدمع عيناها لو سمعت:اوه امداها الروح اوه امداهاتمشي وره اللي جان يركض وراهاالسبب هو "الدغش" الذي لا أدري هل حسدنا عليه الأبنودي أم كان يغبطنا؟!إنه واحد من أكبر عللنا. ولمن لا يصدق، فليقرأ نص اتفاقية أربيل، وليقل لي: هل "طلعوا دغش" أم لا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram