TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ردع الاستبداد

ردع الاستبداد

نشر في: 4 مايو, 2012: 07:39 م

ساطع راجيباستثناء ائتلاف دولة القانون، تشكو القوى السياسية وتحذر من تصاعد ممارسات تفردية وإقصائية وتهميشية في إدارة الدولة واتخاذ القرار، موجهة الاتهام بالتحديد لرئيس الوزراء نوري المالكي باتباع سياسة تفرد، ويذهب بعض الساسة إلى تشبيهات وقياسات تثير انفعال أعضاء دولة القانون الذي يدافعون عن زعيمهم مرة بالقول إن مواقفه وقراراته وصلاحياته هي في سياق الضابط الدستوري لوظيفة رئيس الوزراء، ومرة أخرى باستبعاد ظهور دكتاتورية في العراق بوجود أسس ديمقراطية تضبط الحياة السياسية في العراق.
لا أحد يعرف بالضبط سقف الشراكة الذي اتفق عليه الفرقاء السياسيون عند تشكيل الحكومة ولا طرق الإلتزام بهذا السقف، ولا يمكن الخروج بسهولة من نفق الجدل حول التفرد في اتخاذ القرار ووضعه في سياقات محددة يمكن القول إنها خرجت على النص الدستوري، لكن التجارب أثبتت أن وجود نظام ديمقراطي لا يعني أن الطرق أصبحت مغلقة أمام التفرد والاستبداد، ولذلك فإن القول بحصانة العراق من العودة إلى الاستبداد هو قول لا يمكن الركون إليه أو الاعتماد عليه، والديمقراطية تقوم أساسا على سوء الظن بالطبيعة البشرية بافتراض أنها تميل دائما إلى توسيع السلطة والملكية، ويقول شاعرنا المتنبي (وَالظّلمُ من شِيَمِ النّفوسِ فإن تجدْ ذا عِفّةٍ فَلِعِلّةٍ لا يَظْلِمُ) ،وما الاستبداد إلا ظلم للنفس وللآخرين وما الديمقراطية وأدواتها في الحقيقة إلا كوابح وروادع تحد من التمادي الذي قد يستولي على سلوك الإنسان حتى دون أن يدري وقد يشرعن ذلك التمادي بذرائع شتى، من الدفاع عن الدين إلى الدفاع عن الأخلاق أو المجتمع أو الوطن........سنذهب مباشرة إلى القبول جدلا بما يقوله خصوم ومنافسو رئيس الوزراء من اتهامات توجه له بالتفرد وبالتالي بناء نظام استبدادي، وهي سلوكيات يمكن أن تسيطر على أداء أي مسؤول، وعلى عظم تهديد هذا الخطر لأي دولة ولأي مجتمع، فإن الخطر الأكبر يتمثل في غياب قوة الردع وعدم استعداد القوى السياسية للإقدام على وضع حد لذلك الظلم والتمادي (إن وجد كما يقال) واكتفاء القوى السياسية بمنهج الشكوى والعويل وإثارة الأتباع وتحريض الجماهير وتسعير الاحتقان، بينما هذه القوى نفسها هي من صوت للمالكي ليكون رئيسا للوزراء وهي وحدها القادرة سياسيا ودستوريا على إزاحته عبر الطرق السلمية التي لا يستطيع حتى المالكي نفسه الاعتراض عليها.إن استمرار القوى السياسية في توزيع الشكوى من المالكي في كل الاتجاهات لم يعد ذا معنى أو قيمة حتى بالنسبة لمؤيديها الذين يقفون اليوم عاجزين عن فهم ما تقوم به القوائم والكتل التي انتخبوها عندما كانت تحمل شعارا واحدا يتمثل في الدعوة لتغيير المالكي لكن هاهي وعندما تشتد الأزمة السياسية تعجز عن اتخاذ موقف حقيقي ليس باستبدال المالكي وإنما بإحباط ما تعتبره خطوات أو إجراءات انفرادية، عبر ما تمتلكه من مقاعد في مجلس الوزراء ومجلس النواب وعبر الطرق القانونية أيضا.استمرار القوى السياسية المشاركة في حكومة المالكي والمعارضة لها في الوقت نفسه، في اعتماد منهج البكاء على أكتاف الآخرين من دول الجوار والدول الأخرى لن يؤدي إلى بناء حياة سياسية ديمقراطية سليمة بل هو في جوهره تحريض على الفتنة الداخلية واستجلاب لعداء الدول الأخرى للعراق، وهو عداء سيضر بالعراقيين جميعا، والاكتفاء بالبكاء على أكتاف الآخرين هو أيضا، وقبل كل شيء، اعتراف بالفشل في الضغط لتنفيذ الالتزامات السياسية وفشل في مواجهة الخصوم من دون الاستعانة بجيوش الدول الأخرى، وفشل في ردع الاستبداد، أم هناك من يريد العودة إلى نقطة 9/4/2003 بأمل الحصول على السلطة بسهولة والتخلص من الخصوم دفعة واحدة؟   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram