TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عاهات الأحزاب السياسية

عاهات الأحزاب السياسية

نشر في: 4 مايو, 2012: 07:40 م

علي حسين عبيدالعاهة حالة مرضية مستعصية، تشل الجسد والذهن فتؤثر على التفكير، وتصبح في معظم الأحيان، مشكلة تؤدي إلى العجز في أداء الواجبات كما يجب، لكنها لا تنحصر في الإنسان وحده، لأنها قد تصيب كيانات غير بشرية أيضا، فتشل حركتها وتعرقل فاعليتها، وتمنعها من أداء الواجب المطلوب منها، كما يحدث مع الأحزاب السياسية في العراق.
تُرى هل أحزابنا مصابة بعاهات تمنعها من أداء واجبها السياسي على النحو الأمثل؟، وإذا كان جوابنا بالإيجاب، فما هي هذه العاهات، وما هي تأثيراتها على الوضع السياسي في العراق، وهل هناك أمل بمعالجتها، لكي ننجح جميعا في بناء دولة الحلم، دولة المواطن، دولة المؤسسات التي تحمي حقوق الجميع وتكفلها، مقابل أداء الواجبات المطلوبة؟.أولاً إن الأحزاب في العراق مصابة بعاهة التلاعب بالديمقراطية، وثانياً هي مصابة بغياب الشفافية والنزاهة، وثالثاً مصابة بتضخيم شخصية القائد الأعلى للحزب، ورابعاً هي أحزاب صراعات وليست أحزاب بناء، لهذا فهي تعد أحزاب مقاوِمة - بكسر الراء- للتطور والتقدم، ومن ثم فهي عاجزة تماما عن نقل البلاد من مستنقع الجهل والتخلف والاضطراب، إلى واحة النور والتقدم والاستقرار، وهكذا فإن التأثيرات السلبية لمثل هذه العاهات، كبيرة ومؤثرة جدا على حياة الفرد العراقي، وتؤدي بقوة إلى ضياع حقوقه المدنية والخدمية وغيرها، كما يشير الواقع الراهن، حيث الصراعات بين الأحزاب على أوجها، بينما يتضوَّر جوعا ما نسبته 23% من الشعب العراقي، بسبب وقوعهم تحت خط الفقر، كما أشارت إلى ذلك وزارة التخطيط العراقية الحالية في تقرير لها حول نسبة الفقر في البلد.فإذا كان العراق، وهو صاحب الميزانيات المليارية الضخمة (100 مليار دولار ميزانية 2012 وهي أعلى ميزانية في تاريخ العراق وبعض دول المنطقة) عاجزا عن إنقاذ هذه النسبة السكانية الكبيرة من وطأة الفقر وقسوته، فهذا دليل قاطع على وجود الفساد السياسي واستشرائه بقوة، الأمر الذي يدل بدوره على فساد الأحزاب، ولأنها هي التي تدير العملية السياسية في العراق وما يتبعها من جوانب أخرى اقتصادية وتعليمية وصحية وسواها، فإن هذه الإدارة قاصرة عن تحقيق الأهداف المرجوة منها، والتي تتمثل ببناء دولة مدنية تحفظ حقوق المواطن من خلال القانون والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وما إلى ذلك، لهذا تبدو الأحزاب العراقية إقطاعية عائلية فئوية استبدادية بالنتيجة، ولعل من أهم أسباب فشل بناء الدولة، هو فشل العمل السياسي لأحزابها، بسبب افتقارها للشعبية والحيوية الفكرية والمبدئية.إذن فالأضرار الخطيرة التي تنعكس على الوضع السياسي بسبب الأحزاب واضحة، لأنها تنعكس على العمل الحكومي بكل أنواعه، بمعنى أوضح إذا كانت الأحزاب مريضة فإن هذا المرض حتما سينعكس على الحكومة، وبالتالي ليس هناك أداء حكومي ناجح إلا بوجود أحزاب ناجحة، ويقودنا هذا إلى القول إن من أسباب الفشل الذي تم ذكره، هو سن قانون الأحزاب وطبيعة بنوده، فهو قانون موضوع من لدن الأحزاب نفسها، وقد جُيِّرت صياغته لكي يمنحها فرصا أكبر للاستغلال والاستئثار والاستحواذ والقمع، بدلا من أن يطورها ويدفع بآليات عملها نحو الأفضل، بعيدا عن السلطوية والتفرد والتطرف وما إلى ذلك، من مظاهر تحوّل روح العمل الحزبي، من ميزته الجماعية الديمقراطية إلى صبغته الفردية المتعالية.أما الأمل في بناء دولة المؤسسات فإنه يبقى قائما على الدوام، لكنه سيظل مرهونا بالقضاء على عاهات الأحزاب، لذا مطلوب من القيادات الحزبية، أن تعي المخاطر التي تم ذكرها آنفا، ولابد من أن تندمج الأحزاب بالشعب وشرائحه كافة، لكي تلقى قبولا ودعما وتصحيحا متواصلا للأخطاء، وهو الأسلوب الأمثل لمعالجة العاهات، لأن القبول الشعبي سيمنح الحزب شرعيته من خلال الضغط باتجاه المسار الصحيح، أما الانغلاق والتحجر والانكماش والاحتماء بالنهج الفئوي ضيق الأفق، فلا يجدي نفعا ولا يمنح الحزب تأثيره الفاعل، ناهيك عن بقائه في إطار المنافع والمساومات، واللهاث وراء المصالح المادية، على حساب الشعب وبناء دولته المدنية، التي لا يمكن بناؤها إلا في حالة تخلص الأحزاب السياسية من عاهاتها وأمراضها الواضحة للعيان.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram