TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > كذّاب معه صفقة

كذّاب معه صفقة

نشر في: 4 مايو, 2012: 07:45 م

قيس قاسم العجرشفي ملاحظة عميقة تحدّث بطرس غالي ذات مرة عن إسرائيل بالقول إنها أوجدت بدعة غير مسبوقة في عالم السياسة، فهي تفاوض للوصول إلى اتفاق ،وحين تبرم اتفاقا تدخل بعده في مفاوضات "لتنفيذ"الاتفاق.
هذا الابتكار الإسرائيلي كان في حينها استباقا عقلياً لعامل مهم وهو تعمد تضييع الوقت لأن ضياعه سيثبّت أمراً واقعاً غير مرضيّ عنه في لحظة تعمد الهدر.هذا الابتكار تحدث عنه مؤخراً السيد عمار الحكيم وقصد الحكومة دون أن يشير لها،حياءً من مضيفه السيد رئيس الحكومة المفاوضة على كل الخطوط.الحكيم ميّز ببراعة لم يعتد عليها سياسيو الصدفة بين "الصفقة" وبين صورة"الحل"الذي قد يلتبس على البعض حين يحاولون شفطه مثل أي فرصة.الفرق الذي لم يقله السيد عمار، أيضاً حياءً من مضيفه، إن المسافة بين "الحل"و"الصفقة" هي وجود"كذاب"يمارس هوايته الأثيرة بين الحالين وهي ضياع الوقت و الكذب على الجميع ، لماذا؟ لأن الوقت يعني ، كما في الحالة الإسرائيلية تثبيتاً لواقع غير مرضيّ عنه، غير متفق عليه، فيتعمد الطرف المستفيد أن يهدر المزيد من الوقت،لأن معه مزيداً من فرصة الشفط، مزيداً من وقت العشاء السياسي"القانوني" لاستلاب مصادر القوة لحساب قوة الفرد، الفرد الذي يكذب في اتفاقه ثم يتفق على الكذب المضمر.لكن سياسة طي الملفات دون الانتهاء منها هي بعينها أسلوب"الصفقة" التي أودت بحالنا وحال دستورنا،هل تتذكرونه؟  إلى ما هو عليه الآن.دعوة الحكيم قد تكون بوابة للتمييز بين حديث المصارحة الذي بدأت إطلالته وبين لغو ملأ دقائق نشرات الأخبار، وهذه الأخيرة هي صنعة حكومية بامتياز.من منكم لم يسمع بالقرار الأفعواني بحل شركة الخطوط الجوية العراقية؟ كان ذلك في آب الماضي، وصور لنا بعض تجار الحكومة وعشاريها أنه "انتصار لامع محنك على مطالب الكويت القضائية التي تلاحق الشركة.لكن،من منا لم يسمع قبل أيام بقرض الملايين الثلاثمئة الدولارية إلى الشركة نفسها التي سبق حلها؟ لا مشكلة في النقد المعدود ولا مشكلة في الشركة ولا شائبة على القرض، لكن حين لا يتكلف "المصافق"في سوق السياسة أن يخبرنا معنى التباس الأمرين سنتيقن أنه لا يبحث عن حل قدر بحثه عن صفقة.كم تمنيت أن أرى أحدهم قبل أن يصبح وزيراً في الظل بلا وزارة(هو يعتصر ألماً كلما تذكر أنه وزير دون عنوان وزير)، كم تمنيت أن أراه في "الميني ماركيت"الذي كان يديره في الدنمارك، كنت أتعجب كيف تمكن هؤلاء من العمل والتجارة وسط قوانين أوروبا الصارمة تجاه عمالة اللاجئين، لكنه حين دخل إلى سوق الحرامية (وهو سوق محترم كان يمتد بين مريدي وسوق الحي ليس له من السوء سوى اسمه)أثبت أنه لاعب على مستوى دولي وإن (حرامية) سوق الحرامية ليسوا إلا هواة بسطاء جنب عملقته اللصوصية. روح التجارة التي التبست هؤلاء لن تنفك عنهم إلا بانفكاكهم عن أجسادهم التجارية أيضاً. سيعلم السيد الحكيم(وأخاله يعلم ويحوقل) أن الاتفاق مع اللصوص صعب للغاية فهم يكذبون حين يتفقون ثم يتفقون على  ألا يكذبوا ثم يكذبون في اتفاقهم على الصدق.هل تتذكرون الحرامي الذي طلب منه أن يحلف ؟أكملوا أنتم...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram