ثامر الهيمصأكدت الفقرتان 28 و 29 من إعلان بغداد الأخير على أهمية الربط الكهربائي والاندماج والتكامل بين الاقتصادات العربية عن طريق التجارة والاستثمار وتفعيل دور كل من القطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل الإسهام بفعالية في عملية التنمية الشاملة.
إننا أمام نص يلف الغموض إرادته السياسية وآليات العمل. فمن المعلوم أن الإرادة السياسية العربية عموما" تملك القرار الاقتصادي ولذلك دعا الإعلان الى تفعيل المجتمع المدني وكثير من دولنا العربية عمليا" لا تملك أي فعالية مدنية خصوصا" الفاعلين الاقتصادين". كما أن الإرادة السياسية واضحة إجراءاتها من خلال التجارة البينية العربية إذ أنها لاتصل 10% من تجارتهم مع غير العرب. أما الاستثمار فأكثر الدول التي تضررت بالأزمة العالمية المالية بعد الاتحاد الأوروبي هي الدول العربية النفطية وهذا يعكس حدود الإرادة الوطنية أو العربية. إضافة إلى أن إرادتنا العربية رغم انقسامها بين محورين وهما المحور الغربي التقليدي العريق والمحور الجديد المسمى (بالبر يكس) المتكون من (البرازيل وجنوب أفريقيا وروسيا والصين والهند) الذي يطمح أن يكون منافسا" للمحور الغربي والصراع بين المحورين بدأ بالتجلي في الملفين السوري والإيراني وتبعات ذلك اقتصاديا" من خلال العقوبات الاقتصادية وما تؤشر له من مصالح دولية جديدة. كما أن ثقل هذا المحور ليس بسيطا" مما يؤهله الى إرادة سياسية فاعلة في الجوانب الاقتصادية المالية الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. فمن المحتمل أن يصطف العرب في حالة غياب إرادة اقتصادية موحدة مع احد المحورين والانحياز الآن مع المحور الغربي عموما" خصوصا" بالنسبة لأثرياء العرب وهذا تحالف سيكون ثابتا" في المستقبل المنظور، كما أن أثرياء العرب غير جاهزين سياسيا" وأيدلوجيا" للعب دور (الإقليم القاعدة ) الذي يلف العرب حوله خصوصا" بعد الربيع العربي رغم طابعه الإسلامي. ولذلك فمن المحتمل على الأقل (الربط الكهربائي وسكك الحديد وبعض المشاريع بالحد الأدنى من الإرادة السياسية لان هذه المشاريع عموما" هي قطاع عام وتتم بناء لتلبية شعارات لإسقاط فروض. ولذلك تأخرت كثيرا" سيما اذا علمنا أن السوق العربية المشتركة ومشاريع ذات العلاقة بدأت منذ نصف قرن أي قبل الاتحاد الأوروبي. ولكل مرجعيته الغربية أو الجديدة لان قيام محور ثالث يبدو مستحيلا" لان المحور الجديد حسبما يظهر أكثر مقبولية من المحاور السابقة وحسب إعلاناته وموقفه من قضية العرب الأولى فلسطين التي بحلها يتم الكشف عن المستور والمعوق الحقيقي لتقدم العرب ووحدتهم. أما الآليات التي تساعد فهي المجتمع المدني فأيضا" الأحزاب والمنظمات والجمعيات ودورها مرهون بإرادة سياسية مع بنية اجتماعية متخلفة أي مجتمعات ما قبل الحداثة ولذلك موضوعيا" تكون عملية ازدهار مجتمع مدني أمرا" متعذرا" ما لم يتم ربطه بنهضة حقيقية في الإرادة السياسية والبرنامج الاقتصادي المستقل. ولحد الان حتى الربيع العربي اسلامي الطابع الى حد ما هو خطوة على الأقل ديمقراطية تدفع بنا نحو الاستقلال وفك الارتباط مع الغرب راعي الاستبداد وإسرائيل والهيمنة التاريخية. في الختام القطاع الخاص عموما" يبحث عن فراض وجدوى اقتصادية ولا تهمه كثيرا" الشعارات فهل هذه القاعدة السياسية والاقتصادية تربة خصبة له.
فضاءات: فـي التكامل الاقتصادي
نشر في: 4 مايو, 2012: 08:00 م