سهيل العباسي*تطرق الملحق الاقتصادي الأسبوعي لجريدة المدى في 15/9/2009 الى موضوع السكن وأزمته الخانقة وهو موضوع ساخن ومهم اقتصادياً واجتماعياً وإنسانيا، فالإنسان المتحضر الذي يريد ان يعيش بالحد الأدنى من الكرامة والاستمرارية هو ان يعيش تحت سقف يوفر له الأمن الاجتماعي والاستقرار وان النقاشات والآراء كثيرة ومستمرة عن قطاع السكن
برغم ان إبعاده واضحة ولا تحتاج الى كل هذا الخوض المستمر والمتكرر بالمقدمة فما إعداد الوحدات السكنية المطلوبة لمعالجة الأزمة والجهد المبذول في إحصائها فقل ما تشاء من الأرقام ثلاثة ملايين او خمسة ملايين فالعرض السكني قليل وقليل جداً ويستوعب كل ما ينتج من وحدات سكنية جديدة ويستمر الطلب متدفقاً ويتزايد في ضوء التطور الاجتماعي المتمثل باستقلال الفرد عن بيت الأهل الذي نشأ فيه ويمكن ان نطرح الأفكار التالية لمناقشة ما جاء في الملحق الاقتصادي مثمنين عالياً الجهد المبذول في إعداده:أولاً :الإقراض السكني 1- لم تعد صيغة القروض العقارية التي تقرضها المصارف الحكومية العراقية لبناء القطع السكنية التي يملكونها وبالمقدمة منها المصرف العقاري مجدية ولا تصلح ان تكون هي الخطوة الأولى المعول عليها ولا بأس ان تكون واحدة من الحلول ليس الا، فالقروض التي تخصصها المصارف لهذا الغرض غير كافية بأي حال من الأحوال لبناء دار بمساحة تتراوح بين 70-100متر مربع فما بالك بالذي عاش أحلاماً طوالاً على بناء دار بمساحة اكبر من ذلك إضافة الى ان صرف هذه القروض يجب ان يكون بدفعات وعلى أساس مرحلة البناء المنجزة وبموجب كشوف أمينة ودقيقة وخارج عباءة الفساد الإداري وان يتم تلافي الخطأ الذي وقعت فيه تعليمات وزارة المالية بتحديد الحد الأعلى للقرض بمساحات البناء لكل معاملة إقراض وما أسهل ان يقدم المقترض خرائط ومستندات تشير الى ان مساحة بنائه هي المتر الفلاني وان (تؤيد) لجنة الكشف الموقعي على العقار صحة ذلك وبما يمكنه من استلام مبلغ دفعات قرض مرتفعة في حين ان واقع الحال غير ذلك، إضافة الى ان بعض القروض تصرف على بناء في مراحل لا تتعدى (صب البادلو) او الشبابيك فقط ويتوقف البناء الامر الذي أدى الى هدر سيولة نقدية عالية زادت المعدلات التضخمية وتوجهت الى الاستهلاك لحاجيات أخرى غير السكن ولم تنتج وحدة سكنية جديدة. 2- ان الإقراض الحكومي للسكن يجب ان ينحصر في بناء وحدات سكنية جديدة سواء أكانت على قطع ارض فارغة أم على وحدات سكنية قائمة وتتحمل إنشاء وحدات إضافية جديدة مجاورة أم في الطابق الأول وحسب تعليمات دائرة التسجيل العقاري التي تجيز افراز 200 متر مربع من اصل القطعة او بقائها من دون إفراز وان يلغى الإقراض لشراء وحدات سكنية في هذه المرحلة لان الشراء لا ينتج وحدة سكنية جديدة ويضيفها الى المعروض السكني وانما ستنشأ سوق عقارية جديدة أساسها المضاربات بالمعروض الفعلي نفسه وهو ما ينعش دور الوسطاء في العقارات او ما اصطلح على تسميتهم (الدلالين ) وزيادة اسعار العقارات بشكل كبير.3- ان كلف البناء حالياً عالية جداً سواء أكان ذلك بالنسبة للمواد الإنشائية الأساسية أم المكملة لها وكذلك أجور الأيدي العاملة وان اي توجه لتنشيط الإقراض الحكومي العقاري يجب ان يقابله دعم في الأسعار من قبل وزارة التجارة لمن لديهم مستندات بناء أصولية وتأييد من المصرف المقرض بأن صاحب الطلب مشمول بالقرض العقاري.ثانياً: 1- ان ما ذكرناه أعلاه وفي حالة أدائه بشكل جيد سيكون سكناً أفقياً لا ينتج وحدات سكنية معولاً عليها لزيادة العرض السكني وانما سيكون محدوداً جداًِ لمعوقات ومشاكل البناء والتي اشرنا الى قسم منها إضافة الى انه سيكون بناء تنقصه الخدمات المطلوبة للإحياء السكنية، واذاً فأن التوجه الصحيح والمجدي لزيادة السكن وبوتائر عالية هو إنشاء مجمعات سكنية عمودية ومتكاملة الخدمات وعلى طريقة البناء الجاهز كمرحلة اولى توفر لها السيولة النقدية من الموازنة العامة شأنه شأن الصحة والتعليم ومساهمة المصرفين الحكوميين الرافدين والرشيد ويكون البناء عن طريق الجهة القطاعية وهي وزارة الاعمار والإسكان (والتي لم تعجز مطلقاً وكما جاء بالدراسة المذكورة) وكانت لها تجارب رائدة في ذلك، الا ان التمويل هو الذي يحول دائماً دون تنفيذ مشاريع الإسكان التي تكلف بها.2- تنظم العلاقة بين الجهة المقرضة (المصرفية أعلاه) والوزارة المذكورة من خلال قيامها بتحديد الأعداد المخصصة لكل وزارة من هذه الوزارات وتشكيلاتها بتوزيع هذه الاستمارات على الموظفين (الذين لا يملكون قطع وحدات سكنية) ليتم التوزيع على المستحقين وحسب النقاط ويقوم المصرف العقاري باعتبار أثمان هذه القطع قروضاً سكنية وتحدد المبالغ التي يجب ان يدفعها المستفيد من الوحدة السكنية كدفعة أولى لا تقل عن 25% من قيمة الوحدة ويقسط المبلغ على اقساط سنوية حدها الأعلى (20) عشرين عاماً وبفوائد ميسرة لا تتجاوز الـ 6% للمواطن فان كان أهلياً لا يعمل في الدولة تدفع سنوياً وان كان موظفاً فبأقساط شهرياً من راتبه لا تتجاوز الـ 50% من راتبه وحسب تعليمات دائرة المحاسبة في وزارة المالية ولا تسجل بأسمائهم الا بعد تسديد كامل المبلغ.ثالثاً:لا جدوى اقتصادية او سكنية من أسلوب إقراض الموظفين الذين باشرت به وزارة المالية
الحلم العراقي فـي السكن.. هل تفلح وزارة المالية فـي تحقيقه؟
نشر في: 12 أكتوبر, 2009: 06:56 م