TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية :كل هذا الخوف من الحسد؟

أحاديث شفوية :كل هذا الخوف من الحسد؟

نشر في: 4 مايو, 2012: 10:40 م

 احمد المهناما دخلت بيتا عراقيا الا ووجدت لوحة معلقة لسورة الفلق. وغالبا ما توضع في مدخل البيت،او غرفة الضيوف. فالمهم ان تكون في مكان يراه كل من دخل الدار. وهذا تقليد جديد، لا نعرف كيف بدأ، ولماذا انتشر، ومتى ساد وعم. وأغرب ما فيه انه على ايام النعمة لم يكن موجودا. او انه اذا كان موجودا فقد كان نادرا. فحتى نهاية السبعينيات من القرن العشرين لم يكن له أثر يذكر. ولم الاحظ ان العراقي في تلك السنين يشعر بأن لديه ما يحسد عليه. صحيح ان الخير كان موجودا. ولكن وجود الخير شيء والشعور بوجوده شيء آخر.
ان الاعتياد على الشيء قد ينسيك وجوده. فإذا كانت الثلاجة عامرة والمجمدة مليانة في يوم فلابد ان ذلك يسترعي انتباهك ويحملك على شكر رب النعم. ولكن اذا تكررت رؤية المشهد نفسه كل يوم فانك غالبا ما تغفل عنه، بل وربما عاندته وعملت بالضد منه ريجيما، أملا بصحة قد تكون النعمة دهورتها بزيادة الوزن، وملحقاتها من ضغط وسكر. اذن اعتياد الوفرة قد يكون سببا في ندرة الحسد، أو على الأقل عدم التهاب نيرانه الى الدرجة التي تستدعي معها انتشار اطفائية سورة الفلق في كل بيت. ولكن تفسيري هذا حطمه صديق عاد مؤخرا من الكويت. قال ان الخوف من الحسد موجود اكثر من الثروة نفسها في الكويت. وانك اذا قلت لأحدهم هناك ان قميصك حلو تكون كما لو كفرت! اذ يجب عليك، اذا وازتك مثل هذه الملاحظة، استتباعها ب "ما شاء الله" وأشباهها من الجمل الطاردة للحسد.ولكنني عندما قارنت وميزت رأيت انني يجب ألا أسلم بأن مثال الكويت حطم تفسيري . ذلك ان "العين" كانت دائما على الكويت، فهي كنز محاط بأنف وثلاث عيون. وقد فعلت أحداهن ما  فعلت بالكويت في الأمس القريب. وعلى الرغم من شناعة ذلك الفعل وفظاعته، فقد لاقى تأييدا من جماهير عريضة. وكان الحسد أكبر أسباب ذلك التأييد. واذن فإن خوف الكويت من الحسد في مكانه. ولكن ماذا في العراق مما يستدعي الخوف من الحسد؟ ان نعمة الأمس، اي في السبعينيات وما قبلها، لا تقارن برفاهية الكويت. وعلى اي حال فان نعمة الأمس تلك لم تكن محسوسة كما قلنا. ولو كان الاحساس بها موجودا لكان الشكر للباري عز وجل قائما قاعدا. ولكن ليس كل متنعم شكورا ولا كل مفتقر كفور. فماذا حدا مما بدا لكي تنتشر ظاهرة الخوف من الحسد في ظل أسوأ عهود العراق، ابتداء من الحرب مع ايران، مرورا بالحصار الكافر، وصولا الى معارك اليوم بين كتائب الوسواس الخناس؟حقيقة سؤال يدوخ.ان الحسد يعني تمني زوال نعمة الغير. والنعمة في عراق اليوم مقصورة على الحرامية. وهؤلاء لا تحسدهم الناس وانما فقط "تتمنالهم يوم". ولذلك اعتقد ان تقليد لوحة سورة الفلق يعبر، كالسورة نفسها، ليس عن الخوف من الحسد وحده، وانما عن كتلة كبيرة من المخاوف المعروفة والغامضة.وكان مؤلف"جمهورية الخوف" قد بذل جهدا مرموقا في الكشف عن أسباب كابوس "رعب السياسة". وأعتقد ان هناك حاجة لجهد مماثل يبذل لاكتشاف الأسباب الكامنة وراء "رعب الفلق".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram