ميعاد الطائيدور الإعلام في الكثير من الدول العربية التي شهدت تحولات ديمقراطية كان يقتصر على الترويج لفكر النظام الحاكم عبر إطلاق الأكاذيب وتصديقها من قبل الجميع بمن فيهم الإعلاميون أنفسهم الذين كان من أهم واجباتهم التأييد والتطبيل والتزمير وإبداء الإعجاب وتقديم الشكر للقائد الرمز وأجهزته الحكومية والقمعية التي سعت للسيطرة على المشهد الثقافي والسياسي والاجتماعي.
المصيبة أن البعض ممن يعملون في الحكومات العراقية بعد 2003 ولحد اليوم يتوقعون دورا مماثلا من الإعلام في مدح الدولة ومؤسساتها وتجاوز الأخطاء والتغاضي عن التقصير،لذلك بين الحين والآخر ترتفع البعض من الأصوات التي تغضب وتحتج على بعض المؤسسات الإعلامية عندما تعبر عن رفضها بعض الممارسات لبعض السياسيين الذين وصلت حالة الغضب لديهم إلى رفع دعاوى قضائية ضد صحف ومحررين عراقيين اكتشفوا أنهم لم يستفيدوا من حالة التغيير الديمقراطي الحاصل في البلاد.ونحن هنا بالتأكيد لا نقصد تلك الكتابات التي تسعى للتشهير وتسيء للإعلام ودوره الجديد إنما نقصد المقالات والتحقيقات التي تحتوي نقداً بناءً للعملية السياسية وأداء الحكومة وتقف بالمرصاد لأي انتهاك لحقوق المواطن وأي تعرض للحريات الشخصية وحقوق الإنسان.ولابد من الاعتراف بأن الحالة الديمقراطية الجديدة في العراق منحت للإعلام مساحة جيدة من الحرية نجح فيها الإعلام بأداء دوره باستثناء بعض الحالات التي أشرنا إليها في السطور السابقة،لذلك أصبح المواطن داخل البلاد يتابع نجاح الإعلام العراقي في توعية المجتمع وأداء دوره الرقابي والمساند لمؤسسات الدولة الأخرى في إيصال الحقيقة للرأي العام في بلد يعيش تحولا من نظام شمولي إلى آخر ديمقراطي.والعراق اليوم يعيش مرحلة بناء الدولة الحديثة التي تحتاج إلى تعاون من جميع المؤسسات في الدولة لا سيما الإعلام لما له من دور مهم في الرقابة ومساندة الدولة في عملية التنمية والتوعية بمختلف أنواعها والعمل على حماية الحقوق والحريات ومكافحة الفساد بكل أنواعه ومتابعة أداء الحكومة إضافة إلى أنه يعد من الأجهزة الرقابية التي تحاول أن تحمي أو تمنع تمادي الدولة الجديدة و تجاوزات أجهزتها وممثليها.و يلعب الإعلام دورا مهما في أي تحول مجتمعي، ورافدا أساسيا يساهم في بلورة التصورات التي تساهم في التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وبناء المجتمع الديمقراطي المنفتح على معظم المفاهيم والأفكار الأخرى، وعلى كل من يؤمن بمعايير التحول الديمقراطي. ذلك أن البناء الديمقراطي هو حلقة متتابعة من الإصلاحات التي تحاول الوصول إلى أهدافها عبر وضع إستراتجية يكون هدفها الأول بناء الإنسان المؤمن بالمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.ولوسائل الإعلام في المجتمع الذي يشهد تحولا ديمقراطيا العديد من الوظائف أهمها التثقيف والتوعية من اجل توضيح الصورة الجديدة ومساعدة المواطن في تحديد مواقفه واتخاذ قرارات صائبة حول ما يحدث حوله من أحداث حيث يحتاج المواطن إلى معلومات صحيحة تنقل إليه بأمانة و تصله في الوقت المناسب حيث إن الإعلام ملزم بمواكبة الأحداث ويأتي ذلك من دقة وسرعة التغطية للأحداث من خلال المواضيع المنشورة التي تهم المواطن, ونتيجة لاختلاف الأفكار والرؤى في أي مشهد سياسي أو اجتماعي يتطلع القارئ إلى أن يطّلع على أكثر من رأي. فعلى الإعلام الحر أن ينقل أكثر من وجهة نظر والعديد من الآراء والتحليلات غير المنحازة التي تساعد القارئ على أن يتخذ موقفا أو ربما قرارات مناسبة في أي مرحلة تمر عليه في هذه التجربة. وعلى الصحفيين في كل مكان أن يؤدوا دورهم الحيوي الذي يتمثّل في تزويد عامة الناس بالمعرفة والمعلومات. لكن عليهم لدى ممارستهم مهنتهم، أن يُخضعوا عملهم لمعايير أخلاقية ومهنية وقانونية تخدم الإنسان ضمن عملية التغيير الديمقراطية في البلاد بعيدة عن المصالح الشخصية.
التغيير وحرية الإعلام
نشر في: 5 مايو, 2012: 08:11 م