TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > اكبر عملية احتيال علمية في التاريخ المعاصر

اكبر عملية احتيال علمية في التاريخ المعاصر

نشر في: 12 أكتوبر, 2009: 07:12 م

علي الشوك غالبا ما يخرج مشاهد برنامج (هورايزن)في قناة BBC الثانية بانطباع بان هذا البرنامج، العلمي، المهم، يعرض بنبرة درامية او ميلودرامية. ولم تخل هذه الحلقة، التي اقدم عرضاً لها في السطور التالية، من هذه الميلودرامية. لكن الموضوع يتسم باهمية فائقة،
والحق يقال: انها قصة رجل يقف وراء اكثر الاكتشافات العلمية اهمية. لقد بدأ إنجازه ثوريا الى حد انه كان من شأنه ان يضعنا على عتبة عالم جديد مذهل في آفاقه. عالم يقدم الحلول لكل مشاكلنا تقريبا، ويحقق لنا اليوتوبيا التقنية، او ربما على العكس قد يلغينا من الوجود ويسبب انقراض كل شيء على كوكبنا... هذا العالم العجيب كان يمكن ان يتحقق في مراحله الاولى على يد العالم جان هندريك شون hendrik schon، الذي نعته احد زملائه بانه كان على مفترق طريقين، بين ان يمنح جائزة نوبل او ان يدخل السجن.هذه الثورة العلمية الموعودة تقتحم عالم التكنولوجيا الدقيقة (nanotechnology): تكنولوجيا آلات تصمم ذرة ذرة وجزيئا وجزيئا. انها تكنولوجيا مجهرية، تحت مستوى البصر، تكنولوجيا النانوبوت (nanobot ) (التكنولوجيا اليرقانية، وبالتالي الدقيقة). انها اشبه بالكائنات الدقيقة القادرة على التكاثر وتلبية رغباتنا. لكنها والحالة هذه ستصبح اشبه بسرطان غير بايولوجي يمكن ان يلتهم العالم الطبيعي، ويخلق المزيد من النانوبوتات. وتلك احدى المخاطر التي تستدعي الحذر منه. في العام 2000 شغل العالم الفيزيائي اللامع جان هندريك شون منصب باحث في مختبرات شركة بيل الامريكية، التي تعتبر اعظم مركز للبحوث في العالم. وهو عمل لا يحظى به اي كان. ذلك ان مختبرات بيل معروفة منذ 1925 باعداد علماء قمينين بالحصول على جائزة نوبل (ولها سجل مشّرف في ذلك). وبالفعل كان هندريك شون اصبح اسطورة منذ تخرجه من الجامعة تقريبا. وفي العام 2001 بدأ شون عمله الذي كان من شأنه ان يحقق له المجد، ويضعنا على قاب قوسين من اليوتوبيا، او عالم النانو تكنولوجيا المذهل. فقد اخذ على عاتقه التصدي لما يعتبره البعض اكبر خطر يهدد الثروة العالمية: تعطل قانون مور. وبالفعل، ان تعثر او تعطل قانون مور يعتبر اليوم اكبر خطر يهدد اقتصاد المجتمع الحديث. وما لم نحافظ على ديمومة هذا القانون فاننا سنواجه دمارا اقتصاديا. لكن ما هو قانون مور؟ هذا القانون ببساطة، يتعلق بذلك الشيء الدقيق الذي يتحكم في مصير حضارتنا المعاصرة، نعني به رقاقة السيليكون silicon chip. فلا ينبغي ان ننسى ان هذه الرقاقة الدقيقة جداً هي التي حققت ثورة علمية لا مثيل لها في عصرنا الحديث. وبفضل تحسن صناعة هذه الرقاقات السيليكونية يحافظ الاقتصاد العالمي على عافيته. بيد ان البعض يعتقد ان قانون مور لا يضمن التطور المطرد في صناعة الرقاقات، وبالتالي قد يواجه العالم ركودا وكسادا في الاقتصاد. وجوهر المشكلة يكمن في رقاقة السيليكون، التي تتألف من الملايين من العناصر الدقيقة التي تتحكم في الكومبيوتر، اي الترانزستورات. فكلما ازداد عدد الترانزستورات في الرقاقة، اصبح الكومبيوتر اكثر كفاءة. ويفيد قانون مور ان قوة الكومبيوتر تتضاعف كل ثمانية عشر شهرا. وبفضل ذلك تحقق نمو اقتصادي لم يسبق له مثيل. بيد ان البعض يعتقد ان كل هذا التقدم موشك على التوقف. وجوهر الاشكال يكمن في مبادىء الفيزياء. ذلك ان هناك حدودا، على ما يبدو، للحصول على اصغر رقاقة سيليكونية قبل ان يتعطل مفعولها. وما لم تتقدم صناعة الرقاقات الاصغر فان الاقتصاد العالمي سيواجه ركودا لا مفر منه. من هنا بدأ العلماء يفكرون في مادة اخرى غير السيليكون. وهذا هو ما يومئ اليه قانون مور. واليوم تصرف البلايين لمحاولة اعتصار اكبر قدر من مادة السيليكون. لكن هناك حدوداً لمادة السيليكون هذه، كما اسلفنا.هنا اقتحم هندريك شون الساحة، مؤكدا ان الحل لا يأتي عن طريق السيليكون، بل شيء آخر يختلف كثيرا: ترانزستور يصنع من جزيئات عضوية، جزيئات كاربونية. وفي واقع الحال ان كل شيء من حولنا تقريبا يتألف من مادة الكاربون: الحشائش، والاشجار، والاطعمة، وحتى مادة السيلوفان التي نغلف بها الساندويشات، والعلب التي نضعها فيها. ومن بين الاسباب المهمة التي تدعو العلماء الى التفكير في صناعة الترانزستور من الجزيئات العضوية، وحجمها الدقيق فهذا من شانه ان ييسر مهمة توضيب العديد من هذه الجزيئات في رقاقة الكومبيوتر، حيث نحصل على ملايين الترانزستورات في هذه الرقاقة، وكل منها تحتوي على عشرات الآف من الذرات.وكان هم هندريك شون ينصب في الحصول على هذه الجزيئات العضوية التي تنطق بلغة الكومبيوتر. والترانزستورات ترحل هذه اللغة الى عالم الكومبيوتر. انها تستعملها لارسال رسائل لتصل الى المكان المناسب. وهذه الترانزستور تتحكم في كل شيء، من التكييف الهوائي في الدوائر والمنازل الى الاقمار الصناعية. لكن احدا لم يتوصل حتى لجعل الجزيئات العضوية الدقيقة تتصرف مثل السيليكون. ومن بين من حاولوا ولم يوفقوا كان بول ماك ايرين PAUL Mc EUEN من جامعة كورنيل (نيويورك ) اما على يدي هندريك شون فقد بدا هذا ميسورا. فقد دخل في حسبان شون ان الحل يكمن في الصبغة العضوية. وفي عام 2001 صنع طبقة من هذه الجزيئات الصبغية لتتجمع في دا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram