TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > من يبني الدولة ؟ من يقود الدولة ؟

من يبني الدولة ؟ من يقود الدولة ؟

نشر في: 15 أكتوبر, 2012: 05:23 م

يعقوب يوسف جبر

الدولة المدنية بناء سياسي إداري رصين لكن من هو المؤهل والأصلح لاستيعاب نظريات البناء ؟ ومن هو الأصلح لإجراء التطبيقات ؟ ومن يملك القدرة والخبرة المستمدة من التجربة لقيادة وإدارة  الدولة؟

أسئلة موضوعية بحاجة إلى إجابات موضوعية ، السر في قيام دول وتحضر أمم في المجال السياسي هو الاستعانة بخبرات الباحثين والمفكرين ، فلم ترتق الأمم والدول في سلّم السياسة والإدارة بصورة عشوائية بل يتطلب الأمر الاطلاع على الخبرات التاريخية الواسعة النطاق والتنظيرات التي وضعها المفكرون الأفذاذ .
ماذا عن دولتنا الحالية التي أفرزتها مرحلة ما بعد 2003 ؟ هل تمكن رموزها من بناء هيكليتها الإدارية والسياسية بموجب خبرات الدول المتقدمة ؟ مرت عدة سنوات والدولة الجديدة المدنية لم تبدأ بعد ، لماذا ؟
لا يمكن اعتبار ما جرى بعد 2003 هو تجربة سياسية ناجحة ، بل الذي جرى هو مجرد تدافع وصراع على السلطة بين الطوائف والأحزاب ، ونتيجة لذلك لا مكان لتطبيقات بناء الدولة .
من البديهي أن من يصلح لبناء ثم قيادة الدولة هم المفكرون السياسيون الحكماء وليس الدخلاء ، فالمفكرون السياسيون الحكماء يملكون القدرة على التنظير وكذلك التنفيذ ،أما الدخلاء فإنهم سيعيثون فسادا وتخريبا سيشعلون الحرائق ، سيبددون موارد الدولة ، سوف يتحول كل شيء إلى رماد ، ستتحول السلطة إلى دمية يتصارع حولها زمرة من الصغار والجهلة .
لا ننكر وجود البعض من السياسيين والمفكرين والحكماء في واقعنا السياسي الحالي لكنهم بلا تأثير ،فهنالك ثمة عوامل ضاغطة لا تسمح لهم  برسم ملامح الدولة ثم قيادة زمام أمورها ، هنالك دخلاء وطارئون  ( أميون ) يتحصنون داخل أروقة السلطة التي لا يمكن أن نعتبرها دولة  .
إن تحكم هؤلاء بمقدرات الواقع السياسي مؤشر خطير يشير إلى استحالة قيام الدولة المدنية التي يطمح كل مواطن إلى قيامها ، انطلاقا من الحكمة التالية  ( فاقد الشيء لا يعطيه ) .والحل يكمن في رحيل كل الدخلاء عن ميدان تجربة بناء الدولة وإفساح المجال للمفكرين المثقفين الحكماء ،فهم الأصلح للتنظير والبناء ، لكن بقاء الحال كما هو ،معناه أن مشروع الدولة سيظل طي الإهمال ، لكن على افتراض ظهور طبقة سياسية من المفكرين والحكماء والباحثين وإفساح المجال لهم لافتراض مخطط بناء الدولة وتطبيقه على أرض الواقع سيفضي إلى تحقيق طموح بناء الدولة المدنية العادلة .
إن تناولي هذا الموضوع الشيق بهذا الشكل الناقد خلفيته إيماني العميق بالمبدأ الفلسفي :السبب والنتيجة ، فمع توافر السبب تظهر النتيجة وبحسب طبيعة السبب تظهر طبيعة النتيجة ، فلو افترضنا أن العملية السياسية الحالية سيمسك بزمامها  الدخلاء مع تهميش دور المفكرين والحكماء والباحثين فإن الدولة المفترضة ستكون مجرد يوتوبيا وحلم رخيص الثمن ستظهر السلطة الاستبدادية مرة أخرى وليس الدولة العصرية .
أما لو افترضنا أن ثمة سياسيين يملكون القدرة على التنظير السياسي الرصين هم من يشرفون على البناء والإدارة والقيادة فإن الدولة الصالحة والمعطاء والناجحة ستظهر وستنشأ ، وستكون مثيلا  لمدينة إفلاطون الفاضلة التي صنف من خلالها المجتمع إلى طبقات حسب المؤهلات والاستحقاقات العلمية وليس حسب الانتماء الطائفي والقبلي أو الانتماء السياسي للحزب والجماعة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جيوب نظيفة!!

العمود الثامن: بروتوكولات مقهى ريش

العمود الثامن: الفشل بامتياز

قناطر: كسل وغباء "رأس المال" العراقي

عن التقاطع التنموي في المشهد السياسي

العمود الثامن: القاهرة واستذكار بغداد

 علي حسين تقيم معظم البلدان متاحف لفنونها وحضارتها، ومتاحف اخرى تحتفظ فيها بكنوز الفن العالمي، لكي تذكّر الأجيال القادمة بالذين نثروا ألوانهم وأقاموا النصب المرمرية، لأن الذاكرة البشرية بحاجة إلى تذكّر ان التاريخ...
علي حسين

كلاكيت: عدي رشيد في «أناشيد آدم» سعي للنهوض بوعي المتلقي من أجل إثارة الأسئلة

 علاء المفرجي تأريخ السينما العراقية طويلا قياسا الى مثيلاتها باقي شعوب المنطقة، فالسينما العراقية لم تبدأ بالإنتاج إلا في منتصف الأربعينيات، ولم يكن الإنتاج الأول، إلا انتاجا مشتركا مع مصر، ولم تستطع منذ...
علاء المفرجي

المنظومة السلطوية في العراق والتغيير المطلوب

د. كاظم المقدادي (2-2)التغيير الجذري ضرورة اًنية وملحةمطلب التغيير الجذري والشامل للمنظومة السلطوية في العراق، الهادف لأقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الإجتماعية،الضامنة للحياة الحرة الكريمة والمستقبل الأفضل لكافة أبناء وبات شعبنا، دون...
د. كاظم المقدادي

الشُّعوبيَة والشّعبويَّة.. لكلٍّ زمنه

رشيد الخيون يعيد اِصطلاح "الشَّعبوبيَّة" اليوم إلى الأذهان الحركة "الشُّعوبيَّة" في الأمس البعيد، مع أنَّ كلاً له زمنه ودلالته، كلاهما منحوتان مِن "الشَّعب" و"الشُّعوب". نَعتَ البعضُ بالشَّعبويَّة الرئيسَ الأميركيّ دونالد ترامب، في حملته الانتخابيّة...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram