TOP

جريدة المدى > سينما > جرائم لا تنسى عبر التاريخ.. شجرة المشنوقين

جرائم لا تنسى عبر التاريخ.. شجرة المشنوقين

نشر في: 6 مايو, 2012: 07:26 م

 بغداد/ المدى(إدجوير رود) أو شارع (إدجوير) في لندن يسمونه مجازاً شارع العرب لكثرة العرب فيه. عمارات يسكنها العرب، سواء القادمين للسياحة أو العلاج أم حتى المقيمين بصفة دائمة أو شبه دائمة. مقاهي الشيشة ومطاعم الشاورما والفلافل والفول المدمس تصطف على جانبي الشارع الطويل. أتساءل كم من أولئك العرب وحتى غير العرب والإنجليز أنفسهم لاحظوا علامة مستديرة على الرصيف المثلث الذي يتوسط الطريق بين ماربل آرش وبداية إدجوير رود؛ عند التقائه مع بايزووتر رود وأكسفورد ستريت؟
المفارقة أن المرء قد يعيش في مدينة لمدة طويلة أو يزورها مراراً ولا ينتبه إلى بعض تفاصيلها التاريخية. أعتقد أن أفضل ما يفعله السائح أن يقرأ عن الدولة أو المدينة قبل أن يزورها، وأن يلتحق خلال زيارته بجولة سياحية مع مرشد سياحي ليطلع على أهم معالمها. جميع من يزورون لندن يعرفون شارع أكسفورد التجاري ومحلاته الكبرى، ولكن قليلا منهم من يعرف هذه العلامة التي تقع في نهايته الغربية.تلك الدائرة الممهورة على الأرض يتوسطها صليب ومكتوب داخل محيط الدائرة باللغة الإنجليزية: موقع شجرة (تايبيرن)، وقد أقيمت تذكاراً للقتلى الذين قضوا على المشنقة التي ظلت منصوبة هناك لأكثر من مئتي سنة. المدقق في أرضية الرصيف يرى ثلاث قطع نحاسية مثلثة الشكل؛ كل منها تدل على موضع إحدى القوائم الخشبية الثلاث التي كانت تحمل المشنقة.(تايبيرن) كان اسم القرية الواقعة بالقرب من موقع (ماربل آرش) أو القوس الرخامي الحالي الواقع على الركن الشمالي الشرقي من حديقة هايدبارك الشهيرة في وسط لندن. جاء ذلك الاسم من تحريف (تيو بورن) وتعني بالإنجليزية القديمة (الجدول الحدودي)، وهو اسم الجدول المائي الذي كان يحد بالقرية ويصب في نهر (التايمز)، وقد غطي بالكامل لاحقاً، فصار غير ظاهر للعيان بسبب الطرق والمنشآت التي أقيمت عليه.ربما كانت مادة الخشب هي القاسم المشترك الوحيد بين الشجرة الحقيقية وشجرة تايبيرن؛ لأن الأخيرة لم تكن شجرة على الإطلاق بل مشنقة دائمة للإعدام نصبت في ذلك الموضع عام 1571، وبقيت إلى الثالث من نوفمبر عام 1783 عندما أعدم بواسطتها قاطع طريق يُدعى جون أوستن، وكان آخر من يعدم على تلك المشنقة. أول من أعدم بالقرب من جدول تايبيرن قبل إقامة تلك المشنقة الشهيرة شخص اسمه (ويليام فيتز أوزبيرن) كان يُدعى زعيم (فقراء لندن)، جُرّ عارياً بواسطة حصان؛ من كنيسة القديسة ماري حيث قبض عليه، إلى منطقة (تايبيرن) حيث شنق على مشنقة مؤقتة.اكتسبت المشنقة صفة (الشجرة) بسبب تصميمها المميز، حيث كانت على هيئة مثلث خشبي كبير منصوب على ثلاثة قوائم أو أعمدة خشبية متصلة بزواياه الثلاث. الهدف من ذلك الشكل المميز أن تتسع المشنقة لتعليق أكبر عدد من المعدومين، كما حدث في الثالث والعشرين من يونيو 1649 عندما شنق عليها في آن واحد أربعة وعشرون شخصاً من بينهم امرأة واحدة.كانت المشنقة معلماً مهماً ومهيباً في غرب لندن؛ تنتصب في وسط الطريق ليراها المارة والمسافرون، لترمز إلى صولة السلطة وقوة القانون. أول من شنق عليها كان القس الكاثوليكي الدكتور جون ستوري، بسبب عدم اعترافه بالملكة إليزابيث الأولى. ومن الوقائع الطريفة التي حدثت أن الملك شارل الثاني أمر في يناير 1661 باستخراج أجساد كل من جون برادشو وهنري آيرتون وأوليفر كرومويل من قبورهم بعد ثلاث سنوات من دفنهم؛ وتعليقهم في تلك المشنقة انتقاماً لدورهم في الانقلاب على والده الملك شارل الأول وإعدامه عن طريق فصل رأسه عن جسده عام 1649.كان المحكوم عليهم بالإعدام ينقلون من سجن (نيوجيت) إلى (تايبيرن) على عربة مكشوفة تجرّها الخيول، وكانوا يرتدون أبهى حللهم، ويحاول أكثرهم أن يحتفظ برباطة جأشه. وكان الموكب يتوقف في عدة أماكن حيث يقدم النبيذ إلى المحكوم عليهم. عمليات الإعدام على شجرة المشنوقين كانت تجري على الملأ وتجتذب آلاف المشاهدين، وأقيمت حينذاك مدرجات ضخمة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من أفراد الجمهور الذين كانوا يدفعون أجراً مالياً نظير السماح لهم بالمشاهدة. كان اليوم المحدد للشنق عطلة رسمية لكثير من الموظفين والعمال كي يتاح الحضور لأكبر عدد من الناس، وقد انهارت تلك المدرجات في أكثر من مناسبة، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من المشاهدين. كانت أجساد المعدومين تُنقل لاحقاً لتدفن، أو لتمنح للأطباء ودارسي علم التشريح حيث لم تكن التوصية بالتبرع بالجسد بعد الموت معروفة في ذلك الوقت. قبل أن يُسمح بتشريح أجساد المعدومين كان دارسو التشريح يحصلون على الأجساد التي يستخدمونها من سارقي الأجساد الذين كانوا يحفرون القبور للحصول عليها.وبالإضافة إلى جريمة التآمر على الملك، كان يعاقب على 222 جريمة بالإعدام جزاءً في بريطانيا في القرن الثامن عشر؛ منها قطع الأشجار، وسرقة الماشية، وسرقة ما يساوي أربعين شلناً من منزل، وسرقة ما يساوي خمس شلنات من متجر. وقد أعدم طفل وشقيقته شنقاً في 28 سبتمبر 1708 عقوبة على السرقة وكان عمرهما 7 و11 سنة على التوالي. وبصفة عامة بلغ عدد الأطفال الذين شنقوا حتى عام 1800 خمسة، كانت أعمارهم أقل من أربع عشرة سنة. وحكمت محكمة (أولد بيلي) الشهيرة بالإعدام على 103 أطفال بسبب السرقة خلال الفترة من 1801 إلى 1836 بيد أنهم أعفوا من العقوبة. وبين العامين 1703 و1783 أعدم شنقاً على (شجرة تايبيرن) ألف ومئتان واثنان وثلاثون شخصاً من بينهم اثنتان وتسعون امرأة، وكان حوالي 90% من المعدومين شباناً

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: درجة الحرارة الصغرى في بغداد غدا الإثنين صفر مئوية

نتنياهو: جاهزون لاستئناف القتال في غزة "بأي لحظة"

تشكيلة منتخب قدامى العراق للقاء البحرين

محافظة عراقية تعطل المدارس غداً وتقلص الدوام ساعة واحدة

وزارة الصحة تحيل (6) مكاتب علمية لدعاية الأدوية إلى القضاء

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج

دفاتر السينما في عددها الأول 2025

عرض تسعة أفلام مدعومة من مؤسسة البحر الأحمر في مهرجان برلين السينمائي

مقالات ذات صلة

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج
سينما

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج

عدنان حسين أحمد - لندن تترصّع غالبية أفلام المخرج هادي ماهود بأفكار التنوير والتحريض والاحتجاج حيث يعتمد على كشف الحقائق، وخرق المحجوب الذي يضعهُ في دائرة الخطر. ويكفي أن نشير إلى أفلامه التحريضية التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram