محمد مزيد بتوقيع الاتفاقية بين تركيا وارمينيا ينتهي قرن من العداء بين الدولتين، ذلك العداء الذي سببته "حرب الإبادة" التي قامت بها الدولة التركية ضد أرمينيا إبان الحرب العالمية الأولى.مضت مئة سنة على أحداث تلك الأيام ومازال الشعب الارمني يستذكرها، وربما لن ينساها على امتداد الزمان، وأصبحت في تأريخه جرحاً عصياً على النسيان وقد ثلمت كرامته.
ذاكرة التاريخ تخبرنا ان أرمينيا كانت ضمن مملكة آسيا الصغرى يطلق عليها أرمينيا الكبرى، وأصبحت هذه الدولة بؤرة صراع بين الأتراك والفرس واستولت روسيا على أرمينيا طاردة الفرس من أراضيها عام 1828، ثم اندمجت بالاتحاد السوفيتي وحصلت على استقلالها عام 1991.ينتهج نظام الحكم في هذه الجمهورية، الأسلوب الديمقراطي، وتعد الأحزاب الرئيسة الثلاثة الأكثر هيمنة على الحياة البرلمانية، وهي: الحزب الجمهوري والاتحاد الثوري الأرمني، في حين تتكون المعارضة الرئيسة من عدة أحزاب صغيرة انضمت الى كتلة العدالة، وتعتبر أرمينيا من أكثر الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي (السابق) مناصرتها للديمقراطية.ما يهم في موضوعنا، أن أرمينيا قبل موافقتها على توقيع اتفاقية السلام مع جارتها الكبيرة تركيا انها طلبت اعتذارها رسمي من تلك "الإبادة الجماعية" التي حصلت قبل قرن من الزمان. ولعل إصرار الأرمن على الاعتذار، لطي صفحة الماضي، يعطي مفهوما شديد الحساسية إزاء قراءة الشعوب الكيفية التي يتم التعامل بها مع جرح الكرامة.. فقد مضت مئة عام على الأحداث التي سببت "الإبادة" ومن المؤكد ان الذين قاموا بها لم يبق احد منهم على قيد الحياة، غير ان التاريخ لا يستجيب الى منطق النسيان كما هو متمثل بالإنسان .. اما الشعوب فلا تنسى، وعدم نسيانها يعود الى الطريقة التي تنظر بها الى نفسها !! نختتم القول بأن الشعب العراقي تعرض هو الآخر للإبادة الجماعية من الجوقة الصدامية خلال الـ 35 عاما، فهل يجرؤون على الاعتذار من أبناء وأحفاد نزلاء المقابر الجماعية من سكان الشمال والجنوب الاكثر تضررا في ذلك العهد الأسود . تلك المقابر التي أصبحت عارا في تأريخ سلطة الاستبداد .ونسأل الآن، هل يشفي الاعتذار.. غليل تلك الجراحات العميقة؟
نافذة على العالم: أرمينيا وتركيا.. اعتذار ومصالحة
نشر في: 12 أكتوبر, 2009: 07:31 م