علي السومريربما لن نتوقف عند هذا الحد، أقصد أن ندبج آراءنا بشأن ما حصل من انتهاك صارخ بحق ثقافتنا العراقية والإساءة لرموزها، وهنا أعني الحملة الشعواء التي أطلقتها الآداب البيروتية، بحق رئيس مجلس إدارة مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، الكاتب فخري كريم، والتي شنها عليه رئيس تحرير مجلة الآداب سماح ادريس ووالدته عايدة مطرجي، وقضت المحكمة اللبنانية بعد الدعوى المرفوعة من (كريم) بإدانة (إدريس) العام 2010،
ولكن الأخير لم يتوقف بل قدم الحكم لمحكمة التمييز، واليوم وبعد مضي ما يقارب العامين، ردت المحكمة التمييزية اللبنانية الدعوى لصالح رئيس مجلس ادارة المدى، معلنةً بذلك انتهاء آخر فصول مسرحية الحقد الشوفيني والقومي على العراق، ذلك الحقد المتفجر منذ اسقاط الفاشيست العام 2003.قلت ربما لن نتوقف عن هذا الحد، الكتابة بالموضوع، واعني ان علينا الاستمرار بالدفاع عن حقوقنا الوطنية، والحفاظ على هويتنا الثقافية، هوية يحاول من تبقى من أزلام النظام البائد، العراقيين والعرب، إلباسها لوناً واحداً وزياً واحداً، وهي – الثقافة العراقية – عُرفت ومنذ آلاف السنوات بتعدد الوانها وباختلاف رؤاها.لقد شهّر (إدريس) ومن معه من ايتام النظام المقبور، بثقافتنا، ومثقفينا العراقيين، واتهموهم بأنهم شخوص صنعها (الاحتلال) متناسين أن الثقافة العراقية متأصلة في هذه الأرض قبل ظهور مسخ الديكتاتورية في العراق بآلاف السنوات، كما وصموا جميع مثقفينا بعار ليس له وجود، هل من المنطق ان يقف كُل مثقفي العراق، مكتوفي الأيدي، لا ينتجون الأدب والموسيقى والمسرح والسينما والتشكيل ، بحجة ان قوة أممية، خاضت حرباً بموافقة مجلس الأمن للإطاحة بدكتاتور أذاق العراق وأهله ويلات حروب ثلاث، ما زلنا حتى اليوم نتنفس سرطانها ودخانها المنتشر في فضاء الوطن.هل علينا – بحسب وجهة نظر إدريس – أن نمارس طقوس البكاء المستمر على أمجادنا التي دمرها (الغزاة)، متناسياً إدريس ومن معه، أن ثقافتنا العراقية لم تشهد تشويهاً بقدر ما شهدته في الأعوام التي حكمها الديكتاتور الذي تكالبوا في الدفاع عنه، حين انبرت شخصيات عربية وعراقية ممسوخة بالدفاع عنه وهو يُقتّل أبناء شعبه، وهو يغزي جيرانه، وهو يحول العراق إلى مقبرة جماعية كبيرة، لكُل هذه الجرائم غنّى اؤلئك القتلة، فكيف إذن لا يهاجمون تجربتنا الديمقراطية الفتية، ورياح التغيير الهابة بقوة على وطننا الحبيب، ربما لهم حق في ذلك، فهذا رد فعل من كان يقتات على التسول من الأنظمة المستبدة، ونظامنا الجديد في العراق، لا يدعم هذا النهج، على الأقل في الوقت الحاضر.ها هي المحكة اللبنانية تنتصر للعدل مرة ثانية، وتُساوي بين كفتي ميزانها لتحكم بالعدل، بعد أن حاول بعض المتشبثين بقيمهم البالية، أن يحرفوا مسار العدل فيه، وهنا علينا أن نفكر جدياً بكُل تلك الأقلام التي قتلتنا بما سطرته على الصحف، وحرضت علينا الإرهاب طوال سنين تمنحهم المبرر تلو المبرر لقتل نسائنا وشيوخنا وأطفالنا ورجالنا، علينا أن نفكر جدياً بمقاضاتهم جميعاً، وبالأخص بعد ان انحرفت رياح التغيير من بلدنا إلى بلدانهم، وذاق البعض منهم ما كنا ندافع عنه – استعادة ذواتنا – مرة أخرى.
ثقافة العراق تنتصر
نشر في: 7 مايو, 2012: 07:41 م