قيس قاسم العجرشصدفة توفيقية وحدها هي التي جعلت بوش يقرر خلع صدام. هذه الجملة قد تضاف في المستقبل القريب الى إشراقات التاريخ وثوابته، قد نجدها بعد مئة عام الى جانب قانون نيوتن الأول ونظرية إينشتاين وثابت بلانك وعدد أفوكادرو والنسبة الدائرية الثابتة التي هي حاصل قسمة اثنين وعشرين على سبعة.
هذه المعارف الإنسانية بالدرجة الأولى ثبـُت أنها تؤبد نفسها وتثبت رسوخها كلما تعتق بها الزمان.ولأنها إنسانية، فقد كان من المفروض أن تقبل الخطأ لكن هذا لم يحدث عبر سنوات طويلة ولن يحدث في عالمنا الذي نرى أطرافه على الأقل.الذي حدث فقط أن عدداً كبيراً من العلماء(علماء حقيقيون) رفضوا هذه الحقائق على مر التاريخ وكان أن عرفنا خطأ تحديهم آنذاك، لكنهم لم يعلموا بخطأهم فيما بعد لأنهم ماتوا ورحلوا عن دنيا الخطأ والتقدير.نحن فقط من يعلم اليوم أن غاليولو كان مصيباً وأن الأرض تدور وحتى نكون علميين نردف العبارة بالقول" الى أن يثبت العكس". الذين رفضوا حقيقة أن إرادة بوش هي التي خلعت صدام وأن إرادة بوش تمكنت من تحقيق "إرادة" الشعب العراقي في لحظتها حيث لم يكن الربيع العربي قد حل بآلياته ومعداته الإليكترونية وملفاته اليوتيوبية وبروكسي كسر الحجابات .هؤلاء سيستمرون بالرفض ولن يحيدوا عنه.لأن دم العراقيين رخيص جداً، أرخص من ذكرى غسان وعدنان وقحطان وبغداد التي صارت "بغدان "للضرورة الشعرية التافهة.يكاد يكون في رخصه مساويا لدم المصريين والتونسيين والسوريين وغيرهم ممن أنعم عليهم مارك زكربيرغ (مؤسس فيس بووك) وصاحبه مؤسس تويتر ثم اردفهم العظيم جوليان اسانج الذي غيّر مفهوم الدولة في التاريخ عبر تسريبات ويكيليكس لتتحول الى مفهوم"الدولة تراقب نفسها" الصدفة وحدها جعلته يتعاون مع العريف مانينغ الذي سرب له أكبر قوة معلوماتية مؤثرة عرفتها الإنسانية.بالتأكيد لن يفهم هؤلاء (صدفة صدام) وحتمية الإحتلال، إن الصدفة التي قادت طفلاً لأسرة فلاحية بسيطة تمتهن ترقيد الدجاج أن يصبح أعتى شكل من اشكال العبودية للإنسان عبر نموذج كيم إيل سونغ وابنه وابن ابنه الذي يعبد الآن في كوريا الشمالية هي صدفة فقط.كانت مجرد صدفة أن تمكنت بيونغ يانغ من تفجير قنبلتها النووية البدائية لتعيد الولايات المتحدة حساباتها ويبقى النظام معبوداً هناك الى يومنا هذا.ومع ذلك لم يميز كثيرون جداً من مختوني بطرياركية الكتابة العربية (أو الكتابة بالعربية ) أي شيء في العراق سوى الاحتلال.كانوا كمن يرى عصفوراً واقفاً على سعفة لكنه يعجز عن رؤية النخلة بأكملها!.لم تخرج كتابة سماح إدريس عن ثقافة الاحتلال في العراق عن هذه الانحصارية المضرسة المحمومة، حتى في كتابته عن مهرجان ثقافي غير سياسي بوضوح مثل مهرجان المدى في كردستان. لكنه خسر"قضائياً" ما كان يدافع عنه أو يذود له، وفي النهاية سيذهب الكثيرون الى القبر ومعهم قناعاتهم بالفراغ الحنجوري الإعلامي (إسطوانة الأغا ساطع الحصري) وربما بينهم من يتمكن من صياغة أطروحته بثوب فكري لماع مزركش، فعل ذلك معن بشور وخير الدين حسيب.طبعاً هؤلاء لن يكونوا أكثر عدداً من الذين ذهبوا إلى القبر ولم يقتنعوا بأن الأرض تدور، لكن ربما نتمكن في المستقبل القريب من تحصيل قانون يجرم إنكار (الطغيان الصدامي). بوش خلع صدام واندهس في طريق الخلع مئات العراقيين، لكنكم صليتم آناء الليل واطراف الفجر كي يموت المزيد من العراقيين، المزيد حتى بمئات الآلاف.سفسطات الرجم الذي يبدو"ثقافياً" في مجلة الآداب البيروتية ستنسى لكن هذه الكلمات الممهدة لقبور مزيد من العراقيين لن ينساها أحد.
نبتدي منين الحكاية !
نشر في: 7 مايو, 2012: 07:42 م