عدنان حسينللمرة الثانية تعقد الحكومة اجتماعاً لها في خارج العاصمة بغداد. فبعد البصرة التأم اجتماع مجلس الوزراء أمس في مدينة كركوك. وكان هذا العمل سيُعدّ مبادرة جيدة تستحق التصفيق والهتاف لولا ولولا..
وأوَّل (لولا) أن الاجتماع الذي عقدته الحكومة في مدينة البصرة منذ ثلاثة أشهر لم يثمر شيئاً يُذكر لثغر العراق الذي كان باسماً وأحزنه وأدماه صدام حسين ولم يستطع خلفاء صدام بعد تسع سنوات من تربعهم على عرش السلطة ومن تبجحهم بأنهم جاءوا لنصرة شيعة العراق واستعادة حقوقهم وإنهاء مظلوميتهم، أن يُعيدوا إلى هذا الثغر بعضاً من ابتسامته المغيّبة، فالبصرة، كما العراق كله، على حالها من الإهمال والتخلف، وقد بُحّت أصوات أهلها وهم يطالبون ببعض من حصتهم في نفط محافظتهم. و(لولا) الثانية إن الحكومة ورئيسها لم يحملا إلى كركوك أي بشارة أو وعد بحل المشكلة المتفاقمة لهذه المحافظة والمناطق الأخرى التي يُشار إليها بوصفها "متنازعاً عليها"، فرئيس الوزراء في كلمته في الاجتماع ألقى بالكرة نحو أهالي كركوك قائلاً: "إن حل مشكلة كركوك لا يتحقق بالقوة والإملاءات وإنما بإرادة أهلها وجماهيرها"، متغافلاً تماماً عن واجب الدولة، وبالذات الحكومة، في تنفيذ أحكام الدستور، وبخاصة المادة 140 التي تمتنع حكومة المالكي في عهدي ولايتيها الأولى والحالية عن تطبيقها، بل عن توفير مستلزمات التطبيق، من تطبيع الأوضاع إلى إجراء الإحصاء السكاني وتالياً استفتاء أهالي كركوك في مصيرهم لكي تتحقق إرادة أهالي وجماهير كركوك التي أشار إليها رئيس الوزراء في كلمته.على هذا، فإن عقد اجتماع الحكومة في كركوك لا يتعدى في أحسن الأحوال كونه حركة استعراضية على غرار حركة الاجتماع في البصرة. بل انه بالإضافة إلى هذا ينطوي على إشارة لا تخلو من الاستفزاز في الظرف الحالي الذي تتوتر فيه على نحو غير مسبوق العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على خلفية عدم التزام رئاسة الحكومة باتفاقية أربيل (2010) التي على أساسها تشكلت الحكومة الحالية.رئيس الوزراء اختصر في كلمته مشكلة كركوك في قضية التقصير في تقديم الخدمات العامة وانجاز متطلبات الإعمار، فهو قال "هناك الكثير من الجوانب الخدمية في المحافظة بحاجة إلى الاهتمام على اعتبار أنها تمثل إحدى المرافق الحيوية في البلاد"، وأضاف أن "هناك ملفات كثيرة ينبغي الوقوف عندها لمنح صلاحيات استثنائية في البناء والاعمار لجميع المحافظات".لا مشكلة كركوك ولا كل المشاكل العويصة التي تواجهها سائر المحافظات تُحلّ بإجراء استعراضي كعقد اجتماع الحكومة في هذه المحافظات، فالحاجة ماسة إلى إصلاح العملية السياسية وتعديل مسارها المنحرف وتشريع القوانين اللازمة لذلك وتنفيذ القوانين والأحكام المكرسة لذلك، وقبل هذا وذاك توفر الإرادة الحقيقية لحل مشاكل البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتحلي بالروح الديمقراطية اللازمة لهذا كله. وهذا برمته هو من مسؤولية الحكومة في المقام الأول وليس من مسؤولية أهالي كركوك أو البصرة أو الموصل أو الأنبار وسواها.
شناشيل: اجتماع كركوك..ما المعنى؟
نشر في: 8 مايو, 2012: 09:34 م