ثامر الهيمصلدينا مراقد فريدة مثلما لدينا آثار عريقة وعجيبة تجمع بين الطوائف والأعراق والأديان بشكل لا يصدق ننافس الهند ومصر والصين في العراقة والتنوع ومن الناحية الاقتصادية فان مواردها ترتفع وتنخفض مثل الأواني المستطرقة. فإذا كانت المراقد الدينية محصورة بإطارها الطائفي فإن البقية غير محصورة كتراث إنساني وعالمي معروف.
فالأسباب التقليدية لتعثر السياحة تبدو غير كافية أو غير مكتملة حيث الأسباب الموضوعية متوفرة هناك طلب أكثر من العرض لماذا لا يتطور العرض (فنادق نقل خدمات)وهناك مؤسسات لاشك في ثرائها واعتقد أنها تعمل بالتمويل الذاتي. ولكن طبيعة الأمور تقول أن تعدد الرؤوس يعني تعدد الآراء والمصالح وتضاربها. كما أن الجذر التاريخي لهذه الإدارة يساعد كثيرا" على عدم تجاوز أطرها التقليدية للخروج للاحترافية والعبور بالسياحة الدينية من مجرد(طقس عبادي) إلى طقس (عبادي سياحي)وهذه الهدف المشترك لا يحتاج الى تعدد الإقطاعيات الطائفية المرتبطة (بالسدانة التقليدية) التي تمت بموجب التقادم لا غير لاشك أن هذه الإقطاعيات لا تبني مطاعم ولا فنادق ولا تبلط طرق ولا تقيم مدن سياحية أو أي خدمات في هذا الإطار. كما أن المؤسسات المنبثقة معها هيئات الأوقاف التي أصبحت راسخة ولديها إعلامها وأجهزتها وأيضا" توريثها مثل السدانة تشكل نقطة الاختناق الرئيسية في حصول نقلة النوعية بحيث تتحول السياحة الدينية الى سياحة بصورة عامة والدينية جزء رئيس منها ولا تنعزل عنها مادام الهدف الأساسي هو التنمية وتشغيل أكبر عدد ممكن من العاطلين بمختلف المهارات من الهندسة الى الطب الى اللغات الى عمال الخدمة والدليل السياحي....الخ. أما اتجاهات السائح فهو الذي يحددها وليس بناء على صفقات بأفواج موسمية فقط كما هو المعتمد حاليا". ولا داعي لتعليق شماعة التقصير على الحكومة بتوفير الطرق والجسور والكهرباء وباقي الخدمات لان موارد السياحة الدينية خصوصا" لم تذهب بهذا الاتجاه. ولذلك تكون اعادة هيكلة السياحة عموما" بعيدا" عن التحاصص الديني والطائفي والمناطقي هو المناط الأساسي في وضع الأمور بنصابها فالإدارة التقليدية المتوارثة أو طائفية الطابع عاجزة عن تبليط شارع أو إقامة جسر يخدم السياحة وأبواب الاستثمار مفتوحة ويمكن الاعتماد على القطاع الخاص والخبرة الحكومية وبجامعات البلد في فروعها العلمية بالسياحة والآثار واقتصاديات السياحة بعقد مؤتمر يخرج هذه الإشكالية من عنق الزجاجة وينتقل اداريا" وفنيا" من الإقطاع الى اقتصاد سوق اعتيادي خدمة لأصحاب الأضرحة وزوارها وليس مجرد باب ارتزاق للحلقة الوسيطة التي تضخمت في الآونة الأخيرة وبدون خطوط حمراء ومناطق رمادية مادام الهدف بات محددا" بدقة. في الختام يكون الانتقال من الاقتصاد الريعي في السياحة الى اقتصاد متفاعل لا تقيده انقسامات عمودية مذهبية أو دينية بالإضافة لديناميكيته وإبداعه وازدهاره سيكون عاصما" اخر للحد من التقاسم الطائفي المذهبي الذي اسس له هذا النوع من الاقتصاد الريعي ذي الكيانات المستقلة وغير المتكاملة وتزدهر سامراء مع كربلاء وبابل والموصل ولا نعود لصراعات الأوقاف بينهما على تقاسم التركات المذهبية كما حصل مؤخرا" باحتدام الصراع على أوقاف كركوك بين الوقفين السني والشيعي نعم في كركوك بالإضافة لمحنتها القومية والوطنية.
فضاءات : إقطاعيات السياحة الدينية
نشر في: 9 مايو, 2012: 08:40 م