عباس الغالبيلعل من أهم الاستراتيجيات التي يفترض ان تضطلع بها وزارة التجارة، مهمة تطوير القطاع الخاص والعمل على تنشيط وتفعيل دوره في المشهد الاقتصادي ، والأخذ بيده لأخذ دور الريادة في ظل التوجه الحالي لاقتصاد السوق .ولكن هذه الوزارة تغرد خارج السرب ولم تمتلك رؤية أو إستراتيجية واضحة المعالم لإمكانية تطوير القطاع الخاص، على الرغم من وجود دائرة خاصة بهذا الخصوص ،
لكنني أتحدى الوزارة ان تفصح عن إستراتيجية عملية نفذت على مستوى الواقع العملي الملموس ، لا على مستوى التنظير والتصريحات والمؤتمرات والندوات والاجتماعات ، وأنا على استعداد لتفنيدها مسبقاً.فمن المعروف أن وزارات التجارة في جميع أنحاء العالم ولاسيما في الدول النامية المتطلعة لاقتصاد الحر، هي المؤسسات الحكومية التي تضع الاستراتيجيات اللازمة للنهوض بدور القطاع الخاص كشريك وكتوأم حقيقي للقطاع العام في بداية التحول ، وصولاً إلى ريادة ودور نشيط وفاعل للقطاع الخاص في نهاية المطاف على مستوى القوانين فضلاً عن إيجاد المناخات الخصبة للاستثمار في القطاعات الاقتصادية كافة والمشاركة في صناعة القرار الاقتصادي ، لكن الذي يحدث في العراق وبعد مرور أكثر من سبعة سنين على التغيير السياسي عام 2003 لم تتغير المعادلة فما زالت هنالك هيمنة شبه مطلقة للقطاع العام وما زالت مؤسسات الدولة تشتغل بالعقلية المركزية التي تعتبر الحكومة الرب الأكبر للاقتصاد الوطني وهي الممول الوحيد للأنشطة الاقتصادية كافة على الرغم من إقرار الدستور الحالي على أن الدولة تسير على وفق آليات اقتصاد السوق.والأدهى من ذلك ان المسؤولين التنفيذيين وقبلهم اعضاء السلطة التشريعية يدعون ويطالبون على الملأ وعلى رؤوس الاشهاد بضرورة تفعيل القطاع الخاص وتنشيط دوره ودعمه بشكل كبير ، ولا ندري يطالبون من ، ويدعون من ، وهم اصحاب القرار السياسي والاقتصادي على حد سواء ، انها مفارقة ضمن سلسلة المفارقات التي تكتنف المشهد العراقي بشقيه السياسي والاقتصادي ، في وقت تبرز وبشكل جلي تغليف القرار الاقتصادي بالبعد السياسي على طول الخط ، وهي ظاهرة ينفرد بها العراق بصورة أكثر تجلياً من البلدان الاخرى المشابهة الى حد ما الظروف السياسية التي مر بها العراق.وعودا على بدء ، فإن الضرورة تستدعي أن تنهض وزارة التجارة بمهامها الرئيسية وتعمل على تطبيق إستراتيجية عملية لا تنظيرية لتفعيل القطاع الخاص بعد تشخيص العراقيل والعقبات ومواطن الضعف والإتيان بحلول ناجعة لا حلول ترقيعية تبدأ فورتها عند الحملات الانتخابية وتتلاشى وتضمحل بعيد انتهاء الانتخابات بوقت قصير ، كما من الضروري ان تستعين وزارة التجارة بآراء الخبراء والأكاديميين في هذا الاتجاه من خارج التشكيلات الحكومية سعياً لمشاركة الرأي العام بهذه المهمة الغاية في الضرورة وان لا تستكين الوزارة العتيدة عند مفردات البطاقة التموينية التي فشلت هي الاخرى بشهادة القاصي والداني .
اقتصاديات :التجارة.. والقطاع الخاص!
نشر في: 9 مايو, 2012: 08:50 م