حازم مبيضين تثير جملة الفضائح التي تلاحق الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته, العديد من الأسئلة حول ما يفكر به الحاكم, حين يرتكب الأخطاء أو الخطايا, وهو على كرسي السلطة, وهل يكون على قناعة من أن أحداً لن يلاحقه جراء ما اقترفت يداه, أو أنه يظن أنه سيظل في موقعه بعيداً عن المساءلة
والملاحقة بحكم الحصانة التي يتمتع بها, أو أن عمى السلطة يحجب عنه الحقائق, ويدفعه لتجاهل القادم من الأيام, أو أن بطانته تزين له أنه فوق القانون والمساءلة, فيعيث في الأرض فساداً, ولكن إلى حين. هنا نستطيع فهم موقف الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح, وهو يصر على عدم ملاحقته قانونياً بعد مغادرته القصر الجمهوري, ونفهم تجاوب العديد من الحكام معه على هذه القضية, كان إبان حكمه يتصور أنه باق في السلطة إلى أن يحين قدره, فيرثه ابنه الذي أعده لهذه الغاية, ولعل موقفه ينسحب على مواقف القادة العرب جميعا, فيقومون أثناء توليهم السلطة بإعداد الخليفة الوارث, الذي سيسدل الستار على كل خطايا السلف غير الصالح. في العالم الذي يفهم الحكم والديمقراطية بغير الطرق التي نفهمها بها, أيضاً تزين السلطة لمن يشغلها القفز على القوانين والأنظمة, لكن نظم الحرية الصحفية وقوانين الديمقراطية, لا تتيح له التنصل من عواقب ما اقترفته يداه, وليس غريباً أن تجد الرئيس السابق مطارداً من القانون في عدة قضايا, قد يقضي بقية عمره وهو يجوب أروقة ودهاليز المحاكم, محاولاً تقليل العقوبة وليس إلغاءها, لان ذلك مستحيل في ظل استقلال القضاء في النظم الديمقراطية, وعدم خضوعه لمشيئة الحاكم, أو لأي اتفاق سياسي, يعفيه من المخالفات التي قد يكون ارتكبها. لعل ما يرتكبه حكامنا من الأخطاء, هو ما يدفعهم للتمسك بكرسي السلطة حتى الرمق الأخير, خشية ملاحقتهم, لذلك أعد مبارك خليفته ووريثه, ولذلك ورث بشار الأسد والده الراحل, ولذلك يسعى كل حاكم لإعداد خليفته, لكن تغير الأمور قد لا يكون مفيداً لكل هؤلاء, في زمن يستطيع المواطن فيه ملاحقة الحاكم السابق, ومساءلته أمام القضاء, ولن يكون مجدياً بحثه عن أي حصانة قد تكون صالحة لفترة من الوقت لكنها قابلة للسقوط في أي لحظة صحو تمر على العاصمة التي كان يحكمها. في العراق اليوم يرتكب العديد من المسؤولين مخالفات, سيأتي يوم ما قريب لمحاسبتهم عليها, وليتذكر الجميع أن صدام ظن نفسه مخلداً, لكن مجتمعه لم ينس أي خطيئة ارتكبها, والذين يظنون اليوم أنهم مخلدون في مواقعهم, سيواجهون واقعاً شديد المرارة حين يغادرون موقعهم, ليلاحقهم المواطن المظلوم اليوم مطالباً بكل حقوقه التي انتهكوها, ولكن نخشى أن ينطبق علينا قول الشاعر:لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
في الحدث:فضائح الحكام بعد مغادرتهم
نشر في: 9 مايو, 2012: 09:34 م