TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: دراويش البرلمان

العمود الثامن: دراويش البرلمان

نشر في: 9 مايو, 2012: 09:55 م

 علي حسينقرار جريء ومفرح اتخذه التيار الصدري منع بموجبه كل من يرتدي زيا دينيا من الترشيح لعضوية مجالس المحافظات.. أهمية القرار انه يأتي في وقت أصبح الدين وسيلة للتكسب والتربح بدلا من ان يكون وسيلة لإقامة الحق والعدالة الاجتماعية، فنحن نرى يوميا أعضاء في البرلمان وفي مجالس المحافظات يسيئون بتصرفاتهم لقدسية الزي الديني،
ولطالما شاهدنا نوابا تأخذهم نوبة من الدروشة حين يتم الحديث عن الفساد وسرقة المال العام واستبداد الحكومة، مرات كثيرة نسمع ونشاهد نوابا يخرجون الدستور من جيوب جببهم ويصرخون ضد كل من يطالب باحترام حقوق الآخرين، أو لأن البعض يريد أن ينتصر لحق العراقيين في العيش بمجتمع يحترم خياراتهم السياسية والفكرية والاجتماعية.  والغريب إننا سمعنا وشاهدنا نوابا يرتدون الزي الديني وهم يزأرون غضبا ضد كل من يقترب من قلعة رئيس الوزراء الحصينة وكأن هؤلاء النواب يمثلون شعبا غير الشعب العراقي. ولهذا من غير المنطقي ان تقوم وسائل إعلام أو منظمات مجتمع مدني بالحديث عن الانتهاكات التي يتعرض لها نفر ضال من "البدون" يسعون لتخريب المسيرة الديمقراطية التي يرفع لواءها سادة البرلمان وحجاجه. والغريب أننا دائما ما نجد نواب الزي الديني يصرون على استعداء الشعب وتخوينه والتسبيح ليل نهار بقرارات الحكومة حتى لو جانبها الصواب.. وفي مرات كثيرة نرى فيها دراويش البرلمان ينتفضون من اجل التستر على الفاسدين والمخربين فنراهم يطلون علينا في أكثر من مناسبة وهم يدافعون عن قرارات جائرة وخاطئة ارتكبتها مجالس محافظات أساءت لتاريخ الشعب العراقي وحضارته.لو أخذنا ما يقوم به هؤلاء الدراويش على محمل الجد.. ولو جرى تقييمه بعيدا عن اعتباره نوعا من كوميديا الأبيض والأسود على غرار ما كان يقدمه المرحوم إسماعيل ياسين، فإن شيئا ما يحاك في الخفاء لكل من يطالب بأحقية الشعب العراقي في العيش بكرامة وحرية، ومن غير المستبعد إذا جرت الأمور على هذا النحو الهزلي أن يقدم بعض المسؤولين على إجراءات متهورة. دراويش البرلمان لديهم طريقة مختلفة في التعامل مع العراقيين، طابعها الخداع وتمجيد الاستبداد، خصوصا أنهم يصورون ما يحدث على الساحة السياسية على انه مؤامرة من "أعداء الوطن" الذين يتداولون أفكارا وطروحات حول الإصلاح والخدمات وغير ذلك من مفردات نابية وعدائية بحسب ذهنية دراويش البرلمان. صحيح أنه من المهم الانتباه إلى أن البعض مصاب بنوع من "فوبيا الإصلاح والتغيير" تجعله كلما ذكرت كلمة إصلاح سياسي يستغرق في نوبة من الهرش وحك الجلد بعنف حتى تسيل منه عبارات التخوين والشتائم. بدلا من أن ينشغل دراويش مجلس النواب بمناقشة ملفات الفساد والدفاع عن حقوق المواطنين الذين انتخبوه قرر التفرغ لكتابة بيانات الحكومة التي تهاجم كل من سولت له نفسه الخروج إلى ساحة التحرير.منتهى الاستخفاف بإرادة الناس والاستفزاز لمشاعر العراقيين حين يخرج عليهم نواب يستخدمون الزي الديني، للدفاع عن إجراءات خاطئة اتخذتها الحكومة، منتهى الاستخفاف بمشاعر الناس حين يشارك نواب في مهرجان الشعوذة السياسية الذي تريدنا الحكومة أن نكون فيه مهرجين.السادة نواب الزي الديني.. كنا نتمنى لو إنكم وظفتم قدراتكم الخطابية في الدفاع عن حق الناس في الحصول على الخدمات والأمان، بدلا من استخدام طرق الدروشة في الدفاع عن حق رئيس الوزراء في ولاية ثالثة ورابعة وحتى عاشرة كما اخبرنا مطمئنا النائب حسين الأسدي. السادة النواب.. كنت أتمنى أن تجيبوني على سؤال مهم: لو أن معاناة العراقيين ونكبتهم قد حلت بشعب آخر هل سيظل مواطن في بيته، أو تبقى الحكومات تفسد وتستهتر بمقدرات الناس وتكذب وتزيف وتهرب من مواجهة الحقيقة، هل ستظل دماء العراقيين ماء، ومستقبلهم هباءً... وحقوقهم مهضومة ونفوسهم مكلومة يصرخون فلا من مجيب، وينوحون فلا من مشفق. إن مشكلة دراويش البرلمان اليوم أن الناس لا تصدقهم مهما تحدثوا، ومهما استخدموا من حجج ومبررات وأسانيد ومهما حاولوا أن يرسموا الوداعة والتقوى على وجوههم، فهناك فرق بين أن يعتقد الناس في صحة كلام السياسي من عدمه، وبين قدرة هذا السياسي على التخاطب والتواصل مع الناس. مخاطبة الناس، هي نقطة ضعف عند البعض، لكنها ليست هي الأساس في عدم تصديق الناس لهم.. فالصدق له مواصفات أخرى غير القبول.. فقد أكون مقبولاً لدى الناس، لكنني غير صادق في مخاطبتهم. السادة دراويش البرلمان ستظل الناس لا تصدق كلامكم إلى أن تجيبوا عن السؤال الذي تخافون الاقتراب منه وهو ولماذا تصابون بنوبة من الدروشة كلما حاولت الناس محاسبة الفاسدين والمفسدين.والاهم أن تخبرونا لماذا الإصرار على استخدام الزي الديني الذي يحترمه العراقيون ويجلونه في المكان الخطأ والوقت الخطأ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram