علــــي عبــد الخــالـــقمثل مؤتمرات المصالحة الوطنية "السياسية"، اختار المجتمعون في مؤتمر المصالحة "السكائرية" عددا من الوجهاء والشخصيات المرموقة لرئاسته، مع ان الاعضاء كلهم كانوا من الوجهاء والشخصيات ورجال الاعمال، سنة وشيعة، عربا وكردا، مسلمين ومسيحيين، قدم بعضهم من بغداد واربيل،
والبعض الاخر من عمان ودبي، ومنهم تعنى مشقات السفر من كندا والولايات المتحدة! بل كان بينهم وزراء عرب سابقون (ربما ظنوا انهم يمثلون جامعة الدول العربية)!قد يبدو لقراء المدى، انني اسخر من فطنتهم، حين اكتب عن "مؤتمر المصالحة" في سياق تخاصم حول وكالة "شركة سيكاير فرنسية". ومن حقهم الاستغراب والشك، خصوصا وهم يتابعون منذ سنوات التراشقات السياسية بين كتل وشخصيات واحزاب ودول مجاورة وحكومات بعيدة ، حول مؤتمرات المصالحة الوطنية ، باعتبارها البلسم الشافي لكل احزاننا ومصائبنا والكوارث التي تحل بشعبنا، مع انها تخلو في الغالب من بلاغة اللغة، وصدق النوايا، والحس السياسي المرهف الذي يميز بين الحق والباطل، والجلاد والضحية، والمصالح الوطنية العليا، والامتيازات الحزبوية والطائفية الضيقة .ولأبدد الشك باليقين، اذكر ان المؤتمر، مثل مؤتمرات المصالحة السياسية، وفعاليات احزاب العراق الجديد "الديمقراطي" عقد في بيروت، وفي افخم فندق يطل من جهتيه على البحر والوديان الآسرة.وحضر المؤتمر (27 مندوبا) ورهط من الطفيليين المراقبين، الذين لايخلو فرح اوترح من حضورهم، مشدودين الى تطورات الموقف والنهاية السعيدة، بانجاز "المحاصصة" لعل بعض نثارها يصيبهم، وان بصيغة "عطايا"و"اكراميات" !والغريب في الامر ان العميد صلاح الطائي مدير الشرطة الدولية العراقية من بين اللاعبين البارزين في المؤتمر.ولاستكمال اجراءات ذلك المؤتمر، نودي على المتخاصمين ووكلائهما والشهود، وتم اختيار هيئة رئاسة للمؤتمر من الاعيان وذوي الخبرة بالسياسة وفض النزاعات.ولكي لاتثار الشبهات حول جميع المشاركين، لابد من التأكيد على أن من بين الحضور اناسا افاضل، ربما قد استدرجوا بنية حسنة، والله اعلم بما في الصدور.وبهذا القصد ايضا، لن ننشر اسماء الحاضرين، ولا هيئة الرئاسة، ولا ارقام الغرف التي اقاموا فيها، ولا محضر الاقوال ووقائع المؤتمر، الا اذا لزم ذلك في معرض تأكيد الوقائع الدامغة، ورد كيد الكائدين، ممن تلطخت اياديهم وجيوبهم بالمال الحرام، ولوثوا سمعة اجهزة بلادنا ورجالاتها بالرشى وشراء الذمم.لقد انتهى المؤتمر بقرار وتوصية من رئاسته (مطبوع على الورق) يحمل طابع تسوية رضائية، تماما مثل كل مؤتمرات المصالحة الوطنية، وغيرها من مؤتمرات ولقاءات ومنتديات العراق الجديد التي تعقد في الخارج!ونص القرار او التوصية الرئاسية، على توجيه اللوم الى احد الطرفين "لادعاءاته" والزامه بدفع بضع عشرات من ملايين الدولارات لغريمه، ومطالبته، بانهاء الدعاوى الكيدية في المحاكم العراقية على الطرف الآخر، مقابل تنازل الطرف الثاني عن شكاواه، والقبول بفض النزاع مع الشركة الفرنسية، المشاركة في عملية تزوير وثائق مع احد الطرفين، والامتثال للتسوية الرضائية بالعودة الى تقاسم "الوليمة" او " الغنيمة" السنوية التي تتراوح بين 60-80 مليون دولار... وعفا الله عما سلف!لكن النهاية السعيدة لم تكتمل، فما ان انفرط عقد المؤتمر، حتى اختفى احد الطرفين، دون ان يفي بوعده بالامتثال لنتائج الوساطة، والتوقيع على وثيقة التسوية .ومثل مؤتمرات المصالحة الوطنية ايضا، عادت المحاكم تستقبل الدعاوى الكيدية، والمخبرين السريين، والوسطاء الذين يتنقلون بين المتخاصمين، وبينهم من يقطف ثمار النزاع ولايرى مصلحة في انهائها .لكن التساؤل المؤرق، الذي يظل ويلح ويتكرر، تٌرى الى متى يبقى المفسدون من وراء الحدود ومن داخلها يعبثون بالدولة واجهزتها، ويخربون ضمائر الناس، ويظلون في منجى من المساءلة والعقاب؟!في العدد المقبل :المخبر السري!
مؤتمر المصالحة "السكائرية" وتوصياته!
نشر في: 12 أكتوبر, 2009: 08:10 م