اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > سيرة رامبو الأدبية القصيرة ..متمرد ... متمرد

سيرة رامبو الأدبية القصيرة ..متمرد ... متمرد

نشر في: 11 مايو, 2012: 07:50 م

في يوم شتائي من عام 1883 ، على متن باخرة كانت عائدة من مرسيليا الى ميناء المدينة العربية عدن ، إستهلّ تاجر قهوة فرنسي إسمه آلفرد باردي حديثا مع مواطن من بلده إلتقاه على الباخرة ، صحفي شاب يدعى بول بورد . عندما كان برادي يتكلم عن عمله التجاري ، الذي أنشأه في عدن ،
 حدث إنه ذكر إسم واحد من مستخدَميه ، (( رجل طويل القامة ، دمث وقليل الكلام ، )) كما وصفه فيما بعد . ولدهشته ، كان رد فعل بورد هو الإنذهال . لم يكن هذا بسبب أنه ، وبصدفة غريبة ، كان في نفس المدرسة مع المستخدَم ، بل ، بالأحرى ، بسبب انه ، ومثل العديد من الفرنسيين الذين يتواصلون بغير إنقطاع مع الأدب المعاصر ، كان يفترض بإن ذلك الشاب مات منذ زمن . شرح بورد ، لبرادي المشدوه ، إنه قبل إثني عشرة عاما ، أحدث مستخدمه الصموت في باريس ظهورا أدبيا (( مذهلا وناشئا قبل الأوان )) ، ولم يلبث أن إختفى بعد وقت قصير . حتى تلك اللحظة ، وقبل ان يعرف باردي أو اي أحد آخر في حلقته ، كان هذا الرجل ببساطة تاجرا ذكيا ، يحتفظ بكتب أنيقة . اليوم ، يعتبره العديد مكتشفا للشعر الأوربي المعاصر . كان إسمه آرثر رامبو .ما عرفه باردي عن رامبو ذلك اليوم لازال معظم الناس يعرفونه عن رامبو . كان هناك ، من جانب ، سيرة أدبية باهرة ، وقصيرة الحياة على نحو لافت : كل أعمال رامبو الهامّة أُلّفت على أكثر إحتمال بين العام 1870 ، حين لم يكد يبلغ السادسة عشرة ، والعام 1874 ، حين إقترب من العشرين . من جانب آخر ، كان هناك هجرْ للأدب لصالح حياة متشرّدة ، وصلت به في النهاية الى عدن ومن ثم الى شرق أفريقيا ، حيث بقي حتى وقت قريب قبل وفاته ، يتاجر بالقهوة ، الريش ، وأخيرا ، السلاح ، وجمع مبلغا كافيا من المال على توالي الأيام . الغموض الكبير الذي ظل يطارد ويفزع محبي رامبو هو (( فعل التخلّي عن اللقب ، )) كما يذكر آرثر ميللر في دراسته ، الحمقاء الى حد ما ، " رامبو وزمن القتلة " ( 1946 ) ، (( الذي يغري المرء بمقارنته ... بإطلاق القنبلة الذرّية . )) هذه المقارنة المبالغ بها كانت ربما سترضي رامبو ، الذي كان من الواضح انه يريد لماضيه الشعري أن يتبخر . حين عاد آلفرد باردي ، سعيدا بإكتشافه ، تفاجأ مرعوبا بأن الطفل العبقري السابق يرفض الحديث عن عمله الأدبي ، نابذا إياه كشئ (( سخيف ، مضحك ، يثير القرف . ))تبرّؤ رامبو من الشعر ، كان قويا بقدر ما كان تدفق موهبته سابقا ، وهو نموذجي لرجل كانت حياته وعمله يتميّزان بتناقضات عنيفة . كان فتى راغبا في التعلّم ، وينال الجوائز في المدرسة ، وهو نفسه الذي كان يكتب عبارات كفر على الجدران في بلدته ؛ كان مراهقا متمرّدا يسخر من تقاليدية مدينته الصغيرة ، وهوالذي كان يهرع عائدا الى مزرعة أمه كلما واجه أزمة عاطفية ؛ كان مدَّعي الفوضوية الذي دعا في قصيدة واحدة الى إسقاط (( الأباطرة / العسكر ، المستعمرين ، الشعب )) ، ومع هذا أمضى معظم حياته بالغا كرأسمالي نشط يشتغل في أفريقيا المستعمرة ؛ كان شاعرا حرّر الشعر الغنائي الفرنسي من المواضيع المسهبة والأشكال المخصّرة في شعر نهاية القرن التاسع عشر ، وحرّره من ، كما يذكر بول فاليري ، (( اللغة الدارجة )) ــ ومع ذلك ، هو الذي ، في أغلب عمله الثوري ، إعترف بحبه لـ  (( الصور جيّاشة العاطفة ... الحكايات الخرافية ، كتب قصص الأطفال ، الاوبرات القديمة ، العبارات المكرورة والأوزان الشعرية الساذجة . ))هذه التناقضات الظاهرية ، والمشاعر المتضاربة غير العادية من الإعجاب والهلع التي يمكن أن تثيرها قصة رامبو ، هي في مركز الغموض الطاغي الذي أغرى القرّاء من مارسيل بروست حتى باتي سميث . إنها بدأت تفتن الناس مسبقا في الوقت الذي توفي فيه الشاعر ، في عام 1891 . ( إستسلم ، في السابعة والثلاثين من العمر ، الى مرض سرطان الرجل ، بعد أن عاد الى مزرعة أمه للمرة الأخيرة . ) وبالحكم على موجة الدراسات الرامبوية التي ظهرت خلال العقد الأخير ، وأحدثها ترجمة جديدة لـ " إشراقات " للشاعر الامريكي المتميز جون آشبري ، ورواية واقعية تتصارع مع السؤال الكبير : لماذا توقف رامبو عن الكتابة ، فليس هناك ما يشير الى تلاشي الفتنة .وُلِد آرثر رامبو في تشرين الأول ، 1854 ، في مدينة شارلفيل ، قرب الحدود البلجيكية . أبوه ، فردريك ، كان نقيبا في الجيش وحارب في الجزائر ، وأمه ، فيتالي كيف ، كانت إبنة شديدة الإحتشام لمزارع صلب ؛ قيل فيما بعد أن احدا لم يتذكر أبدا انه رآها تبتسم . وصفْ زواج هذين الإثنين بالتعاسة ربما سيكون مبالغة ، لا لسبب أكثر من أن النقيب رامبو كان نادرا في شارلفيل ؛ كل طفل من الأطفال الخمسة وُلِد بعد تسعة أشهر من الأخر خلال حياتهما القصيرة معا . حين كان آرثر في الخامسة من العمر ، رحل والده للإنضمام الى فرقته العسكرية ولم يرجع أبدا . ذكرى هذا الهجر تطارد عمل رامبو ، الذي غالبا ما يستحضر السعادة الطفولية المفقودة ، ويبدو أحيانا انه يشير بشكل مباشر الى ازمة عائلته . ( (( هي ، / كل السواد والبَرْد ، يعجّل بعد رحيل الرجل ! )) ) تعوّدت فيتالي ، الكاثوليكية المنذورة ، أن تطلق على نفسها (( أرملة رامبو )) وكرّست نفسها بعزم لا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram